الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ الشرط الخامس : المال ]

وأما الشرط الخامس : وهو المال : فلقوله صلى الله عليه وسلم : تنكح المرأة لأربع : لمالها .

ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن أحساب أهل الدنيا هذا المال .

وقد قيل في تأويل قوله تعالى : وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات : 8 ] . يعني [ ص: 106 ] المال ، وإذا كان كذلك فإن كانوا من أهل الأمصار الذين يتفاخرون ويتكاثرون بالأموال دون الأنساب ، فالمال فيهم معتبر في شرط الكفاءة ، وإن كانوا من البوادي وعشائر القرى يتفاخرون ويتكاثرون بالأنساب دون الأموال ، ففي اعتبار المال في شرط الكفاءة بينهم وجهان :

أحدهما : أنه شرط معتبر كأهل الأمصار ، لما فيه من القدرة على أمور الدنيا .

والوجه الثاني : أنه ليس بشرط معتبر : لأنه يزول فيفتقر الغني ويستغني الفقير ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده يعني مقلا ليس له إلا ما يزهد فيه لقلته .

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير أمتي الذين لم يوسع عليهم حتى يبطروا ، ولم يقتر عليهم حتى يسألوا ثم إذا جعل المال شرطا في الكفاءة ليس التماثل في قدره معتبرا حتى لا يتكافأ من ملك ألف دينار إلا من ملك مثلها ، ولكن أن يكونا موصوفين بالغنى فيصيرا كفئين ، وإن كان أحدهما أكثر مالا ، ولا يعتبر فيه أيضا التماثل في أجناس المال بل إذا كان مال أحدهما دنانير ، ومال الآخر عقارا أو عروضا كانا كفئين .

التالي السابق


الخدمات العلمية