الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا ثبت ما وصفنا من الأسباب المشكلة لولاية النكاح انتقلت الولاية بها إلى من هو أبعد بخلاف الغيبة التي لا توجب انتقال الولاية : لأن الغائب يصح منه التزويج ولا يصح من هؤلاء .

فلو زالت الأسباب المبطلة للولاية ، بأن أسلم الكافر ، وأعتق العبد ، وأفاق المجنون ، ورشد السفيه ، عادوا إلى الولاية وانتقلت عمن هو أبعد منهم ، فلو كان الأبعد قد زوج في جنون القريب وسفهه ، صح نكاحه ، ولم يكن للأقرب بعد الإفاقة والرشد اعتراض عليه .

[ ص: 120 ] ولو كان الأبعد قد زوج بعد إفاقة الأقرب ورشده كان نكاحه باطلا سواء علم بإفاقته أو لم يعلم ، فإن قيل : أفليس وكيل الولي إذا زوج بعد رجوع الولي في الوكالة قبل علمه برجوعه ، كان في نكاحه قولان ، فهلا كان نكاح الأبعد ؟ مثله على قولين ؟

قيل : الفرق بينهما : أن الوكيل مستناب يضاف عقده إلى موكله ، فكان عقده أمضى من عقد الأبعد الذي ليس بنائب عن الأقرب ، فعلى هذا لو زوجها الأبعد ، ثم اختلف هو والأقرب ، فقال الأبعد : زوجتها قبل إفاقتك ، فالنكاح ماض ، وقال الأقرب : بل زوجتها بعد إفاقتي ، فالنكاح باطل ، ولا اعتبار باختلافهما ولا رجوع ، فيسأل قول الزوجين : لأن العقد حق لهما فلم ينفذ فيه قول غيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية