الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الثاني وهو أن يقع النكاحان معا ولا يسبق أحدهما الآخر ، فالنكاحان باطلان : لأنه لا يجوز أن تكون المرأة ذات زوجين ، وإن جاز أن يكون الرجل ذا زوجتين : لأن اشتراك الزوجين في نكاح امرأة يقضي إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب ، وليس هذا المعنى موجودا في الزوج إذا جمع بين اثنتين ، وإذا لم يصح اجتماع النكاحين ، ولم يكن تصحيح أحدهما أولى من فساده وجب أن يكونا باطلين ، فإذا بطل النكاح بما ذكرنا لم يخل حال الزوجين من ثلاثة أحوال :

[ ص: 124 ] إحداها : أن لا يكون قد دخل واحد منهما ، فهي خلية ولا مهر على واحد منهما : لفساد عقده وعدم إصابته ، ولأيهما شاء أن يستأنف العقد عليها .

والحال الثانية : أن يكون قد دخل بها أحدهما دون الآخر ، فمذهب مالك : أن النكاح يصح للداخل بها ، وما قد مضى من الدليل عليه في تلك المسألة كاف في هذه ، ويكون نكاح الداخل بها باطلا كغير الداخل : لأن الداخل بها عليه مهر مثلها بالإصابة ، وعليها منه العدة ، وله أن يستأنف نكاحها في زمان عدتها منه ، وليس على غير الداخل بها مهر ولا له العقد عليها إلا بعد انقضاء العدة .

والحال الثالثة : أن يدخل بها الزوجان معا ، فعلى كل واحد منهما مهر المثل بالإصابة ، وعليها لكل واحد منهما العدة بدء بعد أسبقهما إصابة ، وليس له استئناف نكاحها إلا بعد انقضاء العدتين : لأنه يتعقب عدتها منه عدة من غيره ، فحرمت عليه في العدتين معا ، فأما الثاني منهما إصابة فليس له أن يتزوجها في عدة الأول ، وله أن يتزوجها في عدة الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية