الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولو كانت هي التي غرته بنسب ، فوجدها دونه ، ففيه قولان : أحدهما إن شاء فسخ بلا مهر ولا متعة وإن كان بعد الإصابة فلها مهر مثلها ولا نفقة لها في العدة وإن كانت حاملا . والثاني : لا خيار له إن كانت حرة : لأن بيده طلاقها ولا يلزمه من العار ما يلزمها ( قال المزني ) - رحمه الله - : قد جعل له الخيار إذا غرته فوجدها أمة كما جعل لها الخيار إذا غرها فوجدته عبدا ، فجعل معناهما في الخيار بالغرور واحدا ، ولم [ ص: 143 ] يلتفت إلى أن الطلاق إليه ولا إلى أن لا عار فيها عليه ، وكما جعل لها الخيار بالغرور في نقص النسب عنها وجعله لها في العبد ، فقياسه أن يجعل له الخيار بالغرور في نقص النسب عنه ، كما جعله له في الأمة " .

قال الماوردي : قد مضى غرور الزوج للمرأة ، فأما غرور المرأة للزوج ، فهو أن يتزوجها على شرط فيكون بخلافه فينقسم الشرط ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون في الحرية .

والثاني : أن يكون في النسب .

والثالث : أن يكون في الصفة .

فأما الشرط في الحرية : فهو أن يتزوجها على أنها حرة فتكون أمة ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون الزوج ممن لا يحل له نكاح الأمة ، بأن يكون واجدا للطول أو غير خائف للعنت فالنكاح باطل : لأنه نكاح الحر للأمة لا يجوز إلا بشرطين : عدم الطول ، وخوف العنت .

والضرب الثاني : أن يكون الزوج ممن لا يجوز له نكاح الأمة ؛ لوجود الشرطين فيه من عدم الطول وخوف العنت فلها حالتان :

إحداهما : أن تكون قد نكحته ، بغير إذن سيدها فالنكاح باطل .

والحال الثانية : أن تنكحه بإذن سيدها ، فللشرط حالتان :

إحداهما : أن يكون مقارنا للعقد . والثاني : غير مقارن .

فإن لم يقارن العقد بل تقدمه أو تأخر عنه ، فلا تأثير له والنكاح جائز . وإن اقترن بالعقد ، فلا يخلو الغار من أن يكون هو السيد أو غيره ، فإن كان الغار هو السيد ، فقال الزوج عند عقده : هي حرة ، قد عتقت بقوله هذا ، وصار الزوج بهذا الغرور عاقدا على حرة ، فصح نكاحها ، وهي في جميع أحكامها كالحرة ، وإن كان الغار غير السيد ، فهي حينئذ مسألة الكتاب في الغرور باستكمال ما فصلنا من الشروط الأربعة :

أحدها : أن يكون الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة .

والثاني : أن تكون قد نكحت بإذن سيدها .

والثالث : أن يكون الشرط مقارنا للعقد .

والرابع : أن يكون الغار غير السيد فيكون في النكاح حينئذ قولان : أحدهما : باطل . والثاني : جائز .

[ ص: 144 ] وتوجيههما ما قدمناه من غرور الزوج للزوجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية