الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ويمد ظهره ، وعنقه ، ولا يخفض عنقه عن ظهره ولا يرفعه ويكون مستويا ويجافي مرفقيه عن جبينه "

قال الماوردي : وهو صحيح

اعلم أن صفة الصلاة وهيئات أركانها مأخوذة من خبرين هما العمدة في الصلاة

أحدهما : حديث ابن حميد الساعدي

والثاني : تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الأعرابي

فأما حديث أبي حميد فلم يروه الشافعي ، ولكن رواه أبو داود من طرق شتى عن محمد بن عمرو بن عطاء العامري قال كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [ ص: 118 ] أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : فلم ؟ قالوا : فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعا ولا أقدمنا له صحبة . قال : بلى . قالوا : فأعرض . قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عضو في موضعه معتدلا ، ثم يقرأ ثم يكبر ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يركع واضعا راحتيه على ركبتيه ويفرج بين أصابعه ، ثم يعتدل فيهصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده ، ثم يرفع فيقول : سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول : الله أكبر . ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ويضع كفيه حذو منكبيه ، ويفتح أصابع رجليه وينصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد ، ثم يكبر ويرفع رأسه ويمكن رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ، ثم يصنع في الآخر مثل ذلك فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى فإذا كان في الرابعة أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر . قالوا : صدقت هكذا كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأما حديث الأعرابي فرواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن عجلان ، عن علي بن يحيى بن خلاد ، وعن رفاعة بن رافع قال : جاء فصلى في المسجد قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعد صلاتك فإنك لم تصل . قال : علمني يا رسول الله ، كيف أصلي ؟ قال : " إذا توجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ، وما شاء الله أن تقرأ به ، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن كوعك وامدد ظهرك ، فإذا رفعت فأقم صلبك وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ، وإذا سجدت فمكن سجودك ، وإذا رفعت فاجلس على فخذك اليسرى ، ثم افعل ذلك في كل ركعة وسجدة حتى تطمئن

فهذان الحديثان هما أصل في الصلاة فلذلك نقلناهما مع طولهما

التالي السابق


الخدمات العلمية