الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " والتنظف بالاستحداد وأخذ الأظفار " .

قال الماوردي : وأصل ما يؤثر في الاستمتاع بالزوجة ضربان :

أحدهما : ما منع من أصل الاستمتاع .

والقول الثاني : ما منع من كمال الاستمتاع .

فأما المانع من أصل الاستمتاع : فهو ما لا يمكن معه الاستمتاع كالغسل من الحيض والنفاس ، فللزوج إجبار زوجته الذمية عليه .

وأما المانع من كمال الاستمتاع : فهو ما تعافه النفوس مع القدرة على الاستمتاع كالغسل من الجنابة ، ففي إجبارها عليه قولان ، وإذا استقر هذا الأصل ، فقد قال الشافعي : " والتنظيف بالاستحداد : وهو أخذ شعر العانة - مأخوذ من الحدية التي يحلق بها - فإن كان شعر العانة قد طال وفحش ، وخرج عن العادة حتى لم يمكن معه الاستمتاع أجبر زوجته على أخذه ، سواء كانت مسلمة أو ذمية ، وإن لم يفحش وأمكن معه الاستمتاع ، ولكن تعافه النفس ، ففي إجبارها على أخذه قولان ، وإن لم تعفه النفس لم يجبرها على أخذه قولا واحدا .

قال أحمد بن حنبل : والسنة أن يستحد الأعزب كل أربعين يوما ، والمتأهل كل عشرين يوما ، فإن قاله نقلا مأثورا عمل به ، وإن قاله اجتهادا ، فليس لهذا التقدير في الاجتهاد أصل مع اختلاف الحلق في سرعة نبات الشعر في قوم وإبطائه في آخرين واعتباره بالعرف أولى . وأما الأظفار إذا لم تطل إلى حد تعافها النفوس لم يجبرها على أخذها ، وإن عافت النفوس طولها ، ففي إجبارها على أخذها قولان ، وهكذا غسل رأسها إذا سهك ، أو قمل ، وغسل جسدها إذا راح وأنتن ، ففي إجبارها عليه قولان : لأن النفوس تعافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية