الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا حل التعريض لها بالخطبة جاز سرا أو جهرا .

وقال داود وطائفة من أهل الظاهر : لا يجوز أن يعرض لها بالخطبة سرا حتى يجهر : استدلالا بقوله تعالى : ولكن لا تواعدوهن سرا [ البقرة : 235 ] وهذا خطأ : لأن التعريض لما حل اقتضى أن يستوي فيه السر والجهر ، فأما قوله : لا تواعدوهن سرا ففيه لأهل التأويل أربعة أقاويل :

أحدها : أنه الزنا . قاله الحسن ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي .

والثاني : ألا تنكحوهن في عددهن سرا . قاله عبد الرحمن بن يزيد .

والثالث : ألا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عددهن أن لا ينكحن غيركم . قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير والشعبي .

والرابع : أنه الجماع ، قاله الشافعي ، وسمي سرا : لأنه يسر ولا يظهر ، واستشهد الشافعي بقول امرئ القيس .


ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي     كذبت لقد أصبي على المرء عرسه
وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي

وقال آخر :


ويحرم سر جارتهم عليهم     ويأكل جارهم أنف القصاع

[ ص: 250 ] مواعدته لها بالسر الذي هو الجماع أن يقول لها أنا كثير الجماع قوي الإنعاظ ، فحرم الله تعالى ذلك لفحشه ، وأنه ربما أثار الشهوة فلم يؤمن معه مواقعة الحرام ، وقد روى ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشياع يعني المفاخرة بالجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية