الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما حديث فاطمة بنت قيس ، ففيه دلائل على أحكام :

منها ما ذكرناه من أن السكوت لا يقتضي تحريم الحظر .

ومنها جواز ذكر ما في الإنسان عند السؤال عنه : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في معاوية : " إنه صعلوك لا مال له " ، والتصعلك : التمحل والاضطراب في الفقر ، قال الشاعر :


غنينا زمانا بالتصعلك والغنى وكلا سقاناه بكأسيهما الدهر     فما زادنا بغيا على ذي قرابة
غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر

وقال في أبي جهم : " لا يضع عصاه عن عاتقه " وفيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنه أراد به كثرة ضربه لأهله .

والثاني : أنه أراد به كثرة أسفاره ، يقال لمن سافر : قد أخذ عصاه ، ولمن أقام قد ألقى عصاه ، قال الشاعر :


فألقت عصاها واستقر بها النوى     كما قر عينا بالإياب المسافر

والثالث : أنه أراد به كثرة تزويجه لتنقله من زوجة إلى أخرى ، كتنقل المسافر بالعصى من مدينة إلى أخرى ، ومن دلائل الخبر أيضا جواز الابتداء بالمشورة من غير استشارة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بأسامة من غير أن تسأله عنه .

ومنها أن طلاق الثلاث مباح : لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكره في فاطمة حين أخبرته ، ومنها جواز خروج المعتدة في زمان عدتها لحاجة : لأنها خرجت إليه فأخبرته بطلاقها ، فقال لها : " إذا حللت فآذنيني " .

[ ص: 254 ] ومنها جواز كلام المرأة وإن اعتدت ، وإن كلامها ليس بعورة .

ومنها جواز نكاح غير الكفء : لأنها في صميم قريش من بني مخزوم ، وأمرها أن تتزوج أسامة وهو مولى إلى غير ذلك من سقوط نفقة المبتوتة ، ووجوب نفقة الرجعية على ما سنذكره ، والله ولي التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية