الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا اختلفا بعد الدخول فقالت الزوجة : أسلمت أيها الزوج بعد انقضاء عدتي فلا نكاح بيننا ، وقال الزوج : بل أسلمت قبل انقضاء عدتك فنحن على النكاح ، فالذي نص عليه الشافعي : أن القول قول الزوج مع يمينه : اعتبارا بالأصل في ثبوت النكاح ، ونص في مسألتين على أن القول قول الزوجة في بطلان النكاح بخلاف هذا :

إحداهما : المطلقة الرجعية ، إذا قال الزوج : راجعتك قبل انقضاء عدتك فنحن على النكاح ، وقالت الزوجة : بل انقضت عدتي قبل رجعتك فلا نكاح بيننا ، قال الشافعي : القول قول الزوجة مع يمينها ، ولا رجعة .

والمسألة الثانية : إذا ارتد الزوج المسلم بعد الدخول ، ثم عاد إلى الإسلام ، واختلفا ، فقال الزوج : أسلمت قبل انقضاء عدتك فنحن على النكاح ، وقالت الزوجة بل انقضت عدتي قبل إسلامك فلا نكاح بيننا .

[ ص: 292 ] قال الشافعي : القول قول الزوجة مع يمينها ، فجعل في مسألة الرجعة والردة القول قول الزوجة في رفع النكاح ، وجعل في إسلام المشركين القول قول الزوج في بقاء النكاح ، فاختلف أصحابنا في هذه المسائل الثلاث على ثلاثة طرق :

أحدها : أن نقلوا جوابه في الرجعة والردة إلى الإسلام في حق الزوجين ، وجوابه في إسلام الزوجين إلى الرجعة والردة ، وخرجوا المسائل الثلاث على قولين :

أحدهما : أن القول قول الزوج في بقاء النكاح على ما نص عليه في إسلام الزوجين .

والثاني : أن القول قول الزوجة في رفع النكاح على ما نص عليه في الرجعة والردة ، ولعل هذه طريقة أبي حفص بن الوكيل ، وأبي الطيب بن سلمة .

والطريقة الثانية : أنه ليس ذلك على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين ، فالموضع الذي يحصل فيه : القول قول الزوجة في رفع النكاح إذا بدأت فأخبرت بانقضاء عدتها قبل رجعة الزوج وإسلامه فادعى الزوج تقدم رجعته وإسلامه فالقول قولها ، والموضع الذي جعل فيه القول قول الزوج في بقاء النكاح إذا بدأ فأخبر أنه راجع وأسلم في العدة ، فادعت الزوجة انقضاء عدتها قبل الإسلام والرجعة : لأن قول من سبق منهما مقبول فلم يبطل بما حدث بعده من دعوى . وهذه طريقة أبي علي بن خيران .

والطريقة الثالثة : بل هو على اختلاف حالين على غير هذا الوجه : أن القول قول من اتفقا على صدقه في زمان ما ادعاه لنفسه .

مثاله : أن تقول الزوجة : انقضت عدتي في رمضان وأسلمت أنت أو راجعت في شوال ، فقال : بل أسلمت وراجعت في شعبان ، فالقول قول الزوجة : لاتفاقهما على زمان انقضاء عدتها ، واختلافهما في رجعة الزوج وإسلامه ، ولو قال الزوج : لعمري أنني أسلمت وراجعت في شوال ، لكن انقضت عدتك في ذي القعدة ، كان القول قول الزوج : لاتفاقهما على زمان إسلامه ورجعته في زمان انقضاء عدتها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية