الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " فإن نكح نصراني وثنية أو مجوسية ، أو نكح وثني نصرانية أو مجوسية ، لم أفسخ منه شيئا إذا أسلموا " .

قال الماوردي : أما إذا نكح كتابي كتابية ، وتحاكما إلينا أقرا على النكاح ، وكذلك لو أسلما أو أسلم الزوج منهما ، كانا على النكاح : لأن للمسلم أن يبتدئ نكاح كتابية فجاز أن يقيم على نكاح كتابية ، ولو أسلمت الزوجة دونه لم يقر على نكاحها ، وكان موقوفا على تقضي العدة .

وأما الوثني إذا نكح وثنية ، فأيهما أسلم لم يقر على النكاح ، وكان موقوفا على تقضي العدة ، وإن تحاكموا إلينا في الأحكام أقررناهم عليها ، فأما إذا نكح وثني كتابية ، فإن أسلما [ ص: 304 ] أقرا على النكاح ، وإن أسلم الزوج أقر على النكاح ، وإن أسلمت الزوجة كان النكاح موقوفا على انقضاء العدة .

ولو نكح كتابي وثنية ، فأيهما أسلم كان النكاح موقوفا على انقضاء العدة ، وإن تحاكما إلينا قبل الإسلام ، فمذهب الشافعي : أننا نمضي نكاحهما ولا يفسخ عليهما .

وقال أبو سعيد الإصطخري : يفسخ النكاح بينهما : لأن الله تعالى قد أمر أن يحكم في أهل الكتاب بما أنزل الله في أهل الإسلام بقوله : وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم [ المائدة : 49 ] ، والوثنية لا تحل لمسلم ، فكذلك لا تحل لكتابي .

وهذا خطأ : لأن الكفر كله ملة واحدة ، وإن تنوع واختلف ، ألا ترى أننا نحكم بالتوارث بين أهل الكتاب وعبدة الأوثان ، ولأنه لما جاز إقرارهما على هذا النكاح بعد الإسلام ، فأولى أن يقرا عليه في حال الكفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية