الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ويجافي مرفقيه عن جنبيه حتى إن لم يكن عليه ما يستره رئيت عفرة إبطه ويفرج بين رجليه ويقل بطنه عن فخذيه ، ويوجه أصابعه نحو القبلة "

قال الماوردي : وهذه المسألة تشتمل على صفة السجود وهيئته وهي سبعة أشياء :

أحدها : أن يجافي مرفقيه وذراعيه ومرفقيه عن جنبيه لرواية ميمونة بنت الحارث قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى بيديه حتى يرى من خلفه وفتح إبطيه

والثاني : أنه يقل بطنه وصدره عن فخذيه ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك حتى إن بهيمة أرادت أن تمر تحته لمرت

والثالث : أن يكون على بطون أصابع قدميه لرواية أبي حميد لذلك

والرابع : أن يضم فخذيه ويفرق رجليه لرواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه

والخامس : أن يضع يديه حذو منكبيه لرواية أبي حميد الساعدي لذلك

والسادس : أن يوجه أصابعه نحو القبلة ولا يفرقها بخلاف ما يفعل إذا رفعهما للتكبير فيفرقهما . والفرق بينهما : أنه إذا رفع يديه للتكبير كان مستقبلا للقبلة بباطن كفيه فلم يكن في تفريق أصابعه عدول عن القبلة وإذا وضعهما على الأرض للسجود صار مستقبلا للقبلة بأطراف أصابعه فإذا فرقها عدل بعضها عن القبلة

والسابع : أن يرفع ذراعيه عن الأرض ولا يبسطهما لرواية أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سجد أحدكم فليعتدل ، ولا يبسط ذراعيه بسط السبع [ ص: 130 ] فهذه صفة السجود وهيئته في الاختيار والكمال ، وليس في الإخلال بشيء منها قدح في الصلاة ولا منع من إجزاء ، فأما الطمأنينة فيه فركن واجب لا تصح الصلاة إلا به

وقال أبو حنيفة : ليس بواجب . وقد تقدم الكلام معه في الركوع ، فلو أن مصليا هوى للسجود فسقط على جنبه ثم انقلب ساجدا فإن كان انقلابه قصدا للسجود أجزأه ، وإن كان انقلابه من غير قصد للسجود لم يجزه

التالي السابق


الخدمات العلمية