الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ القول في فساد المهر لجهالته ]

فإذا ثبت صحة النكاح بجهالة المهر وتحريمه ، فالمهر باطل بالجهالة ، وكل جهالة منعت من صحة البيع منعت من صحة المهر .

وقال أبو حنيفة : إذا أصدقها عبدا غير معين ولا موصوف ، جاز ، وكان لها عبد سندي : لأن الرومي أعلى ، والزنجي أدنى ، والسندي وسط ، فيحكم لها به : لأنه أوسط العبيد .

احتجاجا بأن المهر أحد عوض النكاح ، فجاز أن يكون مجهولا كالبضع .

قال : ولأن جهالة مهر المثل أكثر من جهالة العبد : لأن مهر المثل مجهول الجنس ، مجهول القدر ، مجهول الصفة ، والعبد معلوم الجنس معلوم القدر ، مجهول الصفة . فإذا جاز أن يجب فيه عندكم مهر المثل فلأن يجب العبد المسمى أولى .

ودليلنا أنها جهالة تمنع صحة البيع فوجب أن تمنع صحة الصداق ، أصله : إذا أصدقها ثوبا وافقنا أبو حنيفة على فساد الصداق بإطلاقه ، ولأنه عوض في عقد يبطل بجهالة الثوب ، فوجب أن يبطل بجهالة العبد كالبيع .

فأما الجواب عن قياسه على جهالة البضع فهو أن جهالة البضع تمنع من الصحة ، ألا ترى أنه لو كان له ثلاث بنات : كبرى وصغرى ووسطى ، وقال زوجتك بنتي وأطلق ، كان باطلا ، ولم يجز أن يحمل على الوسطى كما لا يجوز أن يحمل على الكبرى والصغرى ، كذلك إذا أصدقها عبدا ، وأطلق ، لم يجز أن يحمل على عبد وسط ، كما لا يجوز أن يحمل على أعلى وأدنى .

وأما ما استشهد به من جهالة مهر المثل ، فيفسد بجهالة الثوب ، ومهر المثل إنما أوجبناه : لأنه قيمة متلف يجوز مثله في البيع إذا وجبت فيه قيمة متلف ، وإن جهلت .

[ ص: 396 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية