الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الفصل الثاني منهما ، وهو : أن يصدقها المجيء بعبدها الآبق ثم يطلقها ، فيترتب ذلك على ما ذكرنا من الضربين في صحة الصداق وفساده .

فإن كان على الضرب الذي يكون فيه الصداق صحيحا بأن يكون مكان العبد معلوما ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين :

إما أن يكون قد جاءها بالعبد الآبق ، أو لم يجئها به .

فإن كان قد جاءها بعبدها : فلا يخلو حال طلاقه من أحد أمرين :

إما أن يكون قبل الدخول ، أو بعده .

فإن كان بعد الدخول : فقد استكملته واستوفته ، فلا تراجع بينهما .

وإن كان قبل الدخول : فلها نصفه ، وقد استوفت جميعه فله أن يرجع عليها بنصف أجرة مثل المجيء بالآبق .

وإن لم يكن قد جاءها بالآبق : فلا يخلو طلاقه من أن يكون قبل الدخول أو بعده .

فإن كان بعد الدخول : فقد استكملته ، وعليه أن يأتيها بالآبق ليوفيها الصداق .

وإن كان الطلاق قبل الدخول : لم يلزمه أن يجيئها بالآبق ؛ لأنها لا تستحق جميع الصداق ، ولا يتبعض فيؤخذ بنصفه ، وإذا كان كذلك ففيما ترجع به عليه قولان :

أحدهما - هو القديم - : بنصف أجرة المثل .

والثاني - وهو الجديد - : نصف مهر المثل .

وإن كان على الضرب الذي يكون الصداق فيه فاسدا ، بأن يكون مكان العبد مجهولا ، فلا يخلو أن يكون قد جاءها بالعبد أو لم يجئها به .

فإن كان قد جاءها به : فلا يخلو طلاقه من أن يكون قبل الدخول أو بعده .

فإن كان بعد الدخول : كان لها أن ترجع عليه بمهر المثل ، قولا واحدا ؛ لفساد الصداق ، ويرجع عليها بأجرة مثل المجيء بالآبق ، فإن كانا من جنس واحد تقاضاه ، على الصحيح من المذهب ، وترادا الفضل إن كان .

[ ص: 417 ] وإن كان الطلاق قبل الدخول : رجعت عليه بنصف مهر المثل ، ورجع بأجرة مثل المجيء بالآبق .

وإن لم يكن قد جاءها بالعبد الآبق حتى طلقها ، لم يخل أن يكون طلاقه بعد الدخول ، فترجع عليه بمهر المثل ، ولا يؤخذ بالمجيء بالعبد ، لفساد الصداق فيه ، أو يكون طلاقه قبل الدخول ، فترجع عليه بنصف مهر المثل .

قال المزني هاهنا : أو بنصف أجرة المجيء بالآبق . ومن هذا التخريج قيل بتجويزه هذا الصداق ، وهو خطأ لما ذكرناه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية