الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : فإن أصدقها أمة أو عبدا صغيرين فكبرا ، أو أعميين فأبصرا ثم طلقها قبل الدخول ، فعليها نصف قيمتهما يوم قبضهما إلا أن تشاء دفعهما زائدين ، فلا يكون له إلا ذلك ، إلا أن تكون الزيادة غيرتهما بأن يكونا كبرا كبرا بعيدا ، فالصغير يصلح لما لا يصلح له الكبير ، فيكون له نصف قيمتهما وإن كانا ناقصين فله نصف قيمتهما إلا أن يشاء أن يأخذهما ناقصين ، فليس لها منعه إلا أن يكونا يصلحان لما لا يصلح له الصغير في نحو ذلك " .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا سمى لزوجته صداقا ثم طلقها ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون قد سلم الصداق إليها .

والثاني : ألا يكون قد سلمه إليها .

فإن لم يكن قد سلمه إليها حتى طلقها فهو على ضربين :

أحدهما : [ بيان الضرب الأول ]

أن يكون موصوفا في الذمة كمسمى من دراهم أو دنانير . أو موصوفا من بر أو شعير ، فلا يخلو طلاقه من أن يكون قبل الدخول أو بعده .

فإن كان بعد الدخول : فقد استحقت جميعه ، واستقر ملكها عليه ، وليس له أن يرجع بشيء منه . قال الله تعالى : وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض [ النساء : 21 ] .

[ ص: 423 ] وإن كان الطلاق قبل الدخول أبرئ من نصف الصداق ؛ لقول الله تعالى : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم .

وفيه تأويلان :

أحدهما : معناه فنصف ما فرضتم لكم يرجع إليكم بالطلاق ، وهذا تأويل من قال : إنها قد ملكت جميع الصداق بالعقد .

والثاني : معناه فنصف ما فرضتم للزوجات لا يمكن أكثر منه ، هذا تأويل من قال : إنها لا تملك بالعقد إلا نصفه ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الصداق من أن يكون حالا ، أو مؤجلا ، أو منجما .

فإن كان حالا : ساق إليها نصفه ، وقد برئ من جميعه .

وإن كان مؤجلا : فعليه إذا حل الأجل أن يسوق إليها النصف ، وقد برئ من الكل ، ولا يحل قبل أجله إلا بموته .

وإن كان منجما : برئ من نصفه على التنجيم ، وكان النصف باقيا لها إلى نجومه .

فلو كان إلى نجمين ، فحل أحدهما وقت الطلاق لم يكن لها أن تتعجل النصف في الحال فيستضر ، ولا أن يؤخر به إلى النصف المؤجل فتستضر الزوجة ، ويبرأ الزوج من نصف الحال ونصف المؤجل ، وتأخذ الزوجة نصف الحال ، وتصبر بنصف المؤجل حتى يحل .

التالي السابق


الخدمات العلمية