الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ القسم الخامس ]

وأما القسم الخامس ، وهو أن يكون الصداق قد زاد من وجه ونقص منه وجه ، فلا تخلو حال الزيادة والنقصان من أربعة أقسام :

أحدها : أن يكونا متميزين .

والثاني : أن يكونا غير متميزين .

والثالث : أن تكون الزيادة متميزة ، والنقصان غير متميز .

والرابع : أن تكون الزيادة غير متميزة ، والنقصان متميزا .

[ إيضاح القسم الأول ]

فأما القسم الأول : وهو أن تكون الزيادة متميزة ، والنقصان متميزا :

فمثاله : أن يكون قد أصدقها أمتين فماتت واحدة ، وولدت الأخرى ، فموت إحداهما نقصان متميز ، وولادة الأخرى زيادة متميزة ، فيكون الكلام في موت إحداهما كالكلام في النقصان المتميز إذا انفرد عن الزيادة .

فأما الولد فإن قيل : ترجع في التالف بقيمته فالولد لها ، وإن قيل ترجع في التالف بمهر المثل ، نظر ؛ فإن لم تفسخ ولم ترجع بمهر المثل فالولد لها ، سواء كان الولد من الباقية أو من الميتة ، وإن فسخت ورجعت بمهر المثل نظر في الولد ؛ فإن كان من الباقية دون الميتة فهو لها ؛ لأن الباقية خرجت من الصداق بالفسخ الذي هو قطع لا بالموت الذي هو رفع ، وإن كان الولد من الميتة ، ففيه وجهان :

أحدهما : أنه للزوجة أيضا ؛ لحدوثه على ملكها .

[ ص: 432 ] والوجه الثاني : أنه يكون للزوج ؛ لأن موت أمه قد رفع العقد من أصله .

[ بيان القسم الثاني ]

وأما القسم الثاني : وهو أن تكون الزيادة غير متميزة والنقصان غير متميز ، فمثاله : أن يصدقها أمتين إحداهما مريضة والأخرى صحيحة ، فتبرأ المريضة وتمرض الصحيحة .

فإن كان الطلاق بعد الدخول ، وقلنا بقوله في القديم : أنها ترجع مع التلف بالقيمة أخذت الأمتين ورجعت بنقصان قيمة الصحيحة التي مرضت ، ولا يجبر ذلك بالزيادة الحادثة في برء المريضة ؛ لأنها زيادة لا تملكها .

وإن قلنا بقوله في الجديد : أنها ترجع مع التلف بمهر المثل فهي هاهنا بالخيار بين أن تأخذ الأمتين بالزيادة والنقصان من غير أرش ، وبين أن تفسخ وترجع بمهر المثل .

وإن كان الطلاق قبل الدخول ترتب على القولين إذا تلفت إحداهما وبقيت الأخرى ، هل لها إذا تساوت قيمتها أن تأخذ الباقية منهما بالنصف أم لا ؟ فإن قيل بأحد القولين أنها تأخذ الباقية بالنصف ، فلا خيار لها هاهنا ، وتأخذ بالنصف الذي لها الأمة التي زادت وترد للزوج الأمة التي نقصت .

وإن قيل بالقول الثاني : أنها تأخذ النصف من كل واحدة من الأمتين ، ترتب على اختلاف قوليه فيما ترجع إليه مع التلف .

فإن قيل بالقديم أن الرجوع يكون بالقيمة ، رجعت بنصف الأمتين وبنصف الأرش من نقصان التي نقصت ، ولا يجبر ذلك بزيادة التي زادت .

وإن قيل بالجديد : أن الرجوع مع التلف يكون بمهر المثل ، كانت بالخيار بين أن ترجع بنصف الأمتين من غير أرش ، وبين أن تفسخ وترجع بنصف مهر المثل .

[ إيضاح القسم الثالث ]

وأما القسم الثالث : وهو أن تكون الزيادة متميزة ، والنقصان غير متميز .

فمثاله : أن يصدقها أمتين فتلد إحداهما ، وتمرض الأخرى ، فالكلام في مرض إحداهما كالكلام في النقصان الذي لا يتميز إذا لم يكن معه زيادة متميزة على ما مضى .

فأما الولد فيكون للزوجة بكل حال ، سواء أقامت على الصداق أو فسخت ورجعت بمهر المثل ، وسواء كان الولد من الناقصة أو من الأخرى ؛ لأن بقاء أمه إن فسخ الصداق فيها موجب لقطعه لا لرفعه .

[ إيضاح القسم الرابع ]

وأما القسم الرابع : وهو أن تكون الزيادة غير متميزة والنقصان متميزا ، فمثاله : أن يصدقها أمتين مريضتين ، فتموت إحداهما ، وتبرأ الأخرى ، فيكون الكلام فيه كالكلام في النقصان [ ص: 433 ] المتميز إذا لم يكن معه زيادة ، فيكون على ما مضى ، وليس للزيادة هاهنا تأثير يتغير به الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية