الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : فإن طلقها والنخل مطلعة ، فأراد أخذ نصفها بالطلع لم يكن له ذلك ، وكانت كالجارية الحبلى والشاة الماخض ، ومخالفة لهما في أن الإطلاع لا يكون مغيرا للنخل عن حالها ، فإن شاءت أن تدفع إليه نصفها فليس له إلا ذلك " .

قال الماوردي : وصورتها : في رجل أصدق امرأة نخلا وطلقها قبل الدخول وقد أثمرت ، فالثمرة زيادة اختلف أصحابنا فيها ، هل تجري في الصداق مجرى الزيادة المتميزة أم لا ؟ على ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها زيادة متميزة كالولد ، سواء كانت مؤبرة أو غير مؤبرة ؛ لإمكان قطعها عن الأصل وجواز إفرادها بالعقد .

والوجه الثاني : أنها زيادة غير متميزة في حكم الصداق سواء كانت مؤبرة أو غير مؤبرة ؛ لاتصالها بالأصل ، فجرت مجرى الحمل .

والوجه الثالث : أنها إن كانت مؤبرة فهي متميزة كالولد ؛ لأنها لا تتبع الأصل في البيع ، وإن كانت في طلعها غير مؤبرة فهي غير متميزة كالحمل ؛ لأنها تتبع الأصل في البيع .

فإذا تقررت هذه الوجوه الثلاثة ، فالثمرة للزوجة على جميع أحوالها ؛ لحدوثها في ملكها ، ولها استيفاء النخل على ملكها ، لاستصلاح ثمرتها وتكاملها ، ويصير حق الزوج في قيمة النخل ، فيدفع إليه نصف قيمتها أقل ما كانت النخل قيمة من حين أصدق إلى أن سلم .

[ أحوال بذل المرأة نصف النخل المثمر لزوجها ]

فإذا كان كذلك فلها أربعة أحوال : فالحالة الأولى .

[ إيضاح الحالة الأولى ]

أن تبذل له نصف النخل مع نصف الثمرة .

[ ص: 440 ] فإن قبلها جاز ثم ينظر ؛ فإن جعلنا الثمرة زائدة غير متميزة كان بذل الزوجة لها عفوا عنها ، فلا يراعى فيه لفظ الهبة ولا القبض .

وإن جعلناها زيادة متميزة فهل يجري عليها حكم العفو أو حكم الهبة ؟ على وجهين :

أحدهما : حكم الهبة ، ولا تتم إلا بالقبض ؛ لأنها بالتمييز كالولد الذي لو بذلت نصفه للزوج مع نصف أمة ، كانت هبة لا تتم إلا بالقبض .

والوجه الثاني : أنه يجري عليها حكم العفو ، وتتم بغير قبض بخلاف الولد ؛ لأن المقصود ببذلها إيصال الزوج إلى حقه من النخل الذي لا يقدر عليه إلا بها ، وخالف الولد ؛ لأنه يقدر على الرجوع بالأم دونه .

وإن امتنع الزوج من قبول الثمرة ففي إجباره على القبول ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه يجبر على القبول ، سواء قيل إن الثمرة متميزة ، أو غير متميزة ؛ لأنه منع من النخل في حق الزوجة لدفع الضرر عنها في الثمرة ، فإذا صارت إليه فلا ضرر عليها .

والوجه الثاني : أنه لا يجبر على القبول ، سواء قيل إن الثمرة زائدة متميزة أو غير متميزة ؛ لأن حقه صار في القيمة ، فلم يكن لها أن تعدل به إلى العين .

والوجه الثالث - وهو أصح - : أن إجباره معتبر بحكم الثمرة .

فإن قيل : إنها زيادة متميزة لم يجبر على القبول كالولد ، وله أن يعدل إلى نصف قيمة النخل .

وإن قيل : إنها زيادة غير متميزة كالسمن ، أجبر على القبول ، ولم يكن له أن يعدل إلى نصف القيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية