الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ القول في صداق السر والعلانية ]

مسألة : قال الشافعي : " وإذا شاهد الزوج الولي والمرأة أن المهر كذا ، ويعلن أكثر منه ، فاختلف قوله في ذلك ، فقال في موضع السر ، وقال في غيره العلانية ، وهذا أولى عندي ؛ لأنه إنما ينظر إلى العقود وما قبلها وعد .

قال الماوردي : وصورتها أن ينكح امرأة في السر على صداق قليل ، ثم ينكحها في العلانية على صداق كثير .

فقد حكى المزني عن الشافعي أنه قال في موضع : إن الصداق صداق السر ، وقال في موضع آخر : إن الصداق صداق العلانية ، فكان المزني وطائفة من أصحابنا يخرجون اختلاف نصه في الموضعين على اختلاف قولين :

أحدهما : أن الصداق صداق السر ؛ لتقدمه .

والثاني - وهو اختيار المزني - : أن الصداق صداق العلانية ، لتعلق الحكم بظاهره .

وامتنع سائر أصحابنا من تخريج ذلك على قولين ، وجعلوه محمولا على اختلاف حالين .

فالموضع الذي جعل الصداق فيه صداق السر دون العلانية ، إذا عقداه سرا بولي وشاهدين ، ثم أعلناه تجملا بالزيادة وإشاعة للعقد ؛ لأن النكاح هو الأول المعقود سرا ، والثاني لا حكم له .

والموضع الذي جعل الصداق فيه صداق العلانية إذا تواعدا سرا ، وأتماه سرا بغير ولي وشاهدين ، ثم عقداه علانية بولي وشاهدين : لأن الأول موعد ، والثاني هو العقد فلزم ما تضمنه العقد دون الوعد .

وهذا أصح من تخريج ذلك على قولين .

التالي السابق


الخدمات العلمية