الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وكذلك لو قال ضمنت لك ما داينت به فلانا ، أو ما وجب لك عليه ؛ لأنه ضمن ما لم يكن وما يجهل " .

قال الماوردي : وهذه مسألة من الضمان أوردها المزني هاهنا ؛ لأنه أصل يبنى عليه ضمان النفقة .

وضمان الأموال على ضربين :

أحدهما : ضمان ما وجب .

والثاني : ضمان ما لم يجب .

فأما ضمان ما وجب فضربان : معلوم ومجهول .

فإن كان معلوما صح . وإن كان مجهولا بطل .

وأما ضمان ما لم يجب كقوله : من عامل فلانا وداينه فعلي ضمان دينه .

فمذهب الشافعي : أنه ضمان باطل ، سواء عين المداين أو لم يعينه ، وسواء ذكر للدين قدرا أو لم يذكره ؛ لأن الضمان لازم إن صح ، وما لم يجب فليس بلازم فلم يصح ضمانه .

[ ص: 512 ] فإن قيل : أفليس ضمان الدرك صحيح وهو ضمان ما لم يجب ؟

قيل : الدرك إذا استحق فوجوبه قبل الضمان ، وهو معلوم القدر ، فصار ضمانه ضمانا واجبا معلوما .

فهذا مذهب الشافعي في ضمان ما لم يجب وليس بواجب في الحال ، أنه باطل .

وقال أبو إسحاق المروزي : يصح ضمان ما لم يجب بشرطين :

أحدهما : أن يكون لإنسان معين ، فإن كان لغير معين لم يصح .

والثاني : أن يكون في معلوم مقدر ، فإن كان في غير مقدر لم يصح اعتبارا بضمان الدرك .

وليس لهذا الجمع وجه ، والفرق بينهما : أن استحقاق الدرك يقتضي وجوبه قبل الضمان فصح ، وما تعامل به مستحق بعد الضمان فلم يصح ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية