الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حالة الزوجين إذا خلوا من أربعة أحوال :

إحداهن : أن يتفقا على الإصابة ، فيكمل المهر وتجب العدة وتستحق الرجعة ، إجماعا على الأقاويل كلها .

والحال الثانية : أن يتفقا على عدم الإصابة ، فعلى قول الشافعي في الجديد والإملاء لا يكمل المهر ، ولا تجب العدة ، ولا تستحق الرجعة .

فعلى هذا : لو جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا من وقت العقد ، وقد اتفقا على الإصابة بينهما لحق به الولد ؛ لأنها فراش .

وفي استكمال المهر على الجديد والإملاء وجهان :

أحدهما : يستكمل المهر ؛ لأن حدوث الولد دليل على تقدم الإصابة .

والوجه الثاني : أنه لا يستكمل المهر ، ولا يكون لها إلا نصفه ، لجواز أن يكون قد استدخلت منيه فعلقت منه من غير إصابة .

[ ص: 545 ] فأما على قوله في القديم ، ففيه وجهان لأصحابنا :

أحدهما : أن المهر كامل والعدة واجبة والرجعة مستحقة ، اعتبارا بحكم الخلوة .

والوجه الثاني - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - : أنه لا يكمل المهر ، ولا تجب العدة ، ولا تستحق الرجعة ، اعتبارا بعدم الإصابة .

والحال الثالثة : أن تدعي الزوجة الإصابة ، وينكرها الزوج ، فقد وجبت عليها العدة بإقرارها على الأقاويل كلها ، إلا على أحد وجهي قوله في القديم .

فأما استكمال المهر :

فعلى قوله في القديم : قد استكملته بلا يمين .

وعلى قوله في " الإملاء " : لا تستكمله إلا بيمين ؛ لأنه يجعل الخلوة يدا .

وعلى قوله في الجديد : القول قول الزوج مع يمينه ، وليس لها من المهر إلا نصفه ، فإن أقامت الزوجة البينة على إقرار الزوج بالإصابة سمعت البينة بشاهد وامرأتين ، وشاهد ويمين ؛ لأنها بينة لإثبات مال .

والحال الرابعة : أن يدعي الزوج الإصابة وتنكرها الزوجة ، فهذه الدعوى منه إنما هي لوجوب العدة واستحقاق الرجعة .

فعلى قوله في القديم : القول قول الزوج بلا يمين .

وعلى قوله في " الإملاء " : القول قوله مع يمينه ، ويحكم بوجوب العدة عليها ، وباستحقاق الرجعة له .

وعلى قوله في الجديد : القول قول الزوجة مع يمينها ، ولا عدة عليها ، ولا رجعة له .

فأما المهر : فقد استكملته ، على قوله في القديم .

فأما في الجديد والإملاء : فليس لها إلا نصفه ، لكن إن كان المهر في يدها ، فليس للزوج استرجاع نصفه ؛ لأنه لا يدعيه ، وإن كان في يد الزوج فليس لها أن تطالبه إلا بنصفه ؛ لأنها تنكر استحقاق جميعه .

فلو أقام الزوج البينة على إقرارها بالإصابة لتثبت له الرجعة والعدة ، سمعت بشاهدين عدلين ، ولم تسمع بشاهد وامرأتين ؛ لأنها على غير مال .

التالي السابق


الخدمات العلمية