الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من وجوبها أو استحبابها ، انتقل الكلام إلى ما يلزم المدعو إليها من الإجابة ، فالظاهر من مذهب الشافعي أن الإجابة إليها واجبة ، وقال بعض أصحابنا : إن الإجابة إليها مستحبة وليست بواجبة ؛ لأنها تقتضي أكل الطعام وتملك مال ، ولا يلزم أحد أن يتملك مالا بغير اختياره ، ولأن الزكوات مع وجوبها على الأعيان لا يلزم المدفوعة إليه أن يتملكها ، فكان غيرها أولى .

والدليل على ما ذهب إليه الشافعي من وجوب الإجابة : ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من دعي إلى وليمة فلم يجب ، فلقد عصى الله ورسوله ، ومن جاءها بغير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أجيبوا الداعي فإنه ملهوف " .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو أهدي إلي ذراع لقبلت ، ولو دعيت إلى كراع لأجبت " .

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " شر الطعام الولائم يدعى إليه الأغنياء ويحرمه الفقراء والمساكين " .

ومن لم يجب الدعوة ، فقد عصى الله ورسوله .

ولأن في الإجابة تآلفا ، وفي تركها ضررا وتقاطعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية