الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ويختار له إذا أكل أن يستعمل آداب أكله المسنونة .

فمنها غسل يديه قبل الطعام وبعده ، ولو توضأ في الحالين كان أفضل .

روى أبو هاشم عن زاذان عن سلمان قال : قرأت في التوراة : الوضوء قبل الطعام بركة الطعام ، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : الوضوء قبل الطعام وبعد الطعام بركة الطعام .

[ ص: 562 ] ومنها التسمية على الطعام قبل مد يده ، والحمد لله بعد رفعها ، فقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، وأمر به .

ومنها : أن يأكل مما يليه ولا يمد يده إلى ما بعد عنه ، ولا يأكل من ذروة الطعام ، فقد روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : البركة في ذروة الطعام فكلوا من حواليها ، وإذا وضع استباح الحاضرون أكله ، وإن لم يؤذن لهم قولا اعتبارا بالعرف ، وأن ما تقدم من الدعاء إذن فيما تأخر من الطعام ، واختلف أصحابنا متى يستحق الحاضر ما يأكله حتى يصير أملك به من ربه على ثلاثة أوجه :

أحدها : إذا أخذ اللقمة من الطعام بيده ، صار بها أحق وأملك لها ؛ لأن حصولها في اليد قبض ، فلا يجوز أن تسترجع منه .

والوجه الثاني : أنه لا يصير أحق بها وأملك لها ، إلا إذا وضعها في فمه ، فأما وهي بيده ، فمالك الطعام أحق بها ؛ لأن الإذن في الأكل ، ولا يكون ذلك إلا بعد الحصول في الفم .

والوجه الثالث : ألا يصير أحق بها وأملك لها ، إلا بعد مضغها وبلعها ؛ لأن الإذن يضمن استهلاكه بالأكل ولا يجلس بعد فراغه من الأكل إلا عن إذن ؛ لقول الله تعالى : فإذا طعمتم فانتشروا [ الأحزاب : 53 ] .

وروى واصل بن السائب ، عن أبي سورة ، وعن عطاء بن أبي رباح قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا حبذا المتخللون من أمتي ، قالوا : وما المتخللون ؟ قال : المتخللون من الطعام ، والمتخللون بالماء في الوضوء .

التالي السابق


الخدمات العلمية