الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الفصل الثالث فهو وجوب النية في السلام فالظاهر من مذهب الشافعي ، [ ص: 147 ] وهو قول جمهور أصحابنا وجوب النية في السلام ، وأنه لا يصح الخروج من الصلاة حتى يقترن بسلام الخروج منها

وقال أبو حفص بن الوكيل : " يصح الخروج من الصلاة بمجرد السلام ، وإن لم يقترن به نية الخروج ، قال : لأن النية إنما تجب في الدخول في الصلاة لا في الخروج منها كالصيام ، والحج ، وهذا الذي قاله أبو حفص وإن كان مطردا على الأصول من وجوه فهو مخالف له من وجوه ، لأن الصلاة لما خالفت سائر العبادات في أن الخروج منها لا يصح إلا بنطق كالدخول فيها خالفتها في أن الخروج منها لا يصح إلا بنية تقترن بالنطق كالدخول فيها ، فإذا ثبت أن النية في السلام مستحقة فلا يخلو حال المصلي من أن يكون إماما أو مأموما أو منفردا ، فإن كان منفردا نوى بالتسليمة الأولى الخروج من صلاته ومن على يمينه من الحفظة ، ونوى بالتسليمة الثانية من على يساره من الحفظة ، ولم يحتج إلى نية الخروج من صلاته ، لأنه قد خرج منها بالتسليمة الأولى وإن كان إماما نوى بالتسليمة الأولى ثلاثة أشياء ، الخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والمأمومين ، ونوى بالتسليمة الثانية شيئين ، من على يساره من الحفظة ، والمأمومين ، وإن كان المصلي مأموما فإن لم يكن على يمينه أحد من المصلين نوى بالتسليمة الأولى شيئين ، الخروج من الصلاة ومن على يمينه من الحفظة ، ونوى بالتسليمة الثانية ثلاثة أشياء من على يساره من الحفظة والإمام والمأمومين ، ولوكانوا جميعا على يمينه وليس على يساره أحد نوى بالتسليمة الأولى أربعة أشياء فالخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والإمام ، والمأمومين ، ونوى بالتسليمة الثانية شيئا واحدا ، وهو من على يساره من الحفظة ، وإن كان وسطا فإن كان الإمام إلى اليمين أقرب نوى بالأول أربعة أشياء الخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والإمام والمأمومين ، ونوى بالثانية شيئين من على يساره من الحفظة ، والمأمومين ، وإن كان الإمام إلى اليسار أقرب نوى بالأولى ثلاثة أشياء ، الخروج من صلاته ، ومن على يمينه من الحفظة ، والمأمومين ، وبالثانية ثلاثة أشياء من على يساره من الحفظة والإمام والمأمومين فهذا هو الكمال من نيته ، والواجب من جميعه أن ينوي الخروج من صلاته لا غير ، فإذا نواه دون ما سواه في التسليمة الأولى أو الثانية أجزأته صلاته ، لكن إن نواه في الثانية كان في التسليمة الأولى كالمسلم في صلاته ناسيا ، فيلزمه سجود السهو ، فلو سلم غيرنا وللخروج من صلاته لم يجزه على مذهب الشافعي وأجزأه على مذهب أبي حفص بن الوكيل

التالي السابق


الخدمات العلمية