الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من هذا التفصيل ، وطلقها على ألف درهم دفعتها إليه فطلقت بها ، وملكها في الظاهر على ما بيناه ، ثم بان له أن الدراهم رديئة معيبة فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون الألف معيبا فلا يخلو عيبها من أن يخرجها من جنس الصفة أو لا يخرجها فإن أخرجها من جنس الصفة فكانت نحاسا أو رصاصا لم يقع الطلاق ، لأنه قد تضمن وقوع الطلاق بدفعها أن تكون من دراهم الفضة ، فإذا لم توجد هذه الصفة فيها لم يقع الطلاق لعدم الصفة ، وإن كانت من جنس الفضة وقع الطلاق لوجود الصفة ، وهو لأجل العيب بالخيار بين المقام أو الرد ، فإن أقام لم يرجع بأرشها وإن رد فماذا يرجع ؟ على قولين :

أحدهما : بمثلها غير معيبة .

والثاني : بمهر المثل .

والضرب الثاني : أن تكون الألف غير معيبة فعلى ضربين .

أحدها : أن يكون عيبها لا يخرجها من جنس الصفة ، وإنما هي من رديء الفضة وخشنها لرداءة معدنها ، فالطلاق هاهنا قد وقع ، وهو بالخيار بين أن يسمح بعيبها كما يسمح بعيب المعيب وبين أن يردها ويرجع بمثلها من جيد الفضة غير معيب ولا يرجع بمهر المثل قولا واحدا ، لأن حقه في ألف درهم غير معيبة .

والضرب الثاني : أن يكون عيبها ورداءتها قد أخرجها من جنس الفضة لما فيها من رصاص أو ماس فالطلاق هاهنا غير واقع ، لأنه جعل طلاقها مشروطا بدفع ألف درهم ، وهذه لما فيها من الغش أقل من ألف درهم ، فلم تطلق لنقصان الفضة ، ولكن [ ص: 45 ] لو دفعت إليه أكثر من ألف درهم فيها من الفضة ألف درهم طلقت لوجود الفضة وزيادة الغش ، وله بدلها إن شاء .

فإن قيل : فعلى هذا إن دفعت إليه ألف درهم نقرة فضة ينبغي على هذا التعليل أن تطلق .

قيل : لا تطلق بالفضة النقرة وإن طلقت بالفضة في الدراهم المغشوشة ، لأن النقرة لا ينطلق اسم الدراهم عليها ، وإن كانت فضة ، والدراهم المغشوشة ينطلق اسم الدراهم عليها إذا كان فيها فضة فافترقا في الحكم لافتراقهما في الاسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية