الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا فليس للزوج بعد انعقاد الطلاق على هذه الصفة أن يبطلها ولا أن يرجع فيها ، وإن كان فيه معاوضة لم يقبل تغليبا لحكم الطلاق بالصفة دون المعاوضة ، كما لو قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ، لم يكن له إبطال ما علقه من الطلاق بدخول الدار ، وإنما غلب حكم الطلاق بالصفة على حكم المعاوضة لأنه لو جن أو أغمي عليه لم يبطل ، ولو كان حكم المعاوضة أغلب كما يبطل به بذل البيع قبل القبول .

فأما الزوجة فليس عليها دفع الألف وهي في دفعها بالخيار لأمرين :

أحدهما : أنه موقع لطلاقها ، وليس عليها فعل ما أوقع طلاقها كما لو قال لها : إن دخلت الدار فأنت طالق لم يلزمها دخول الدار لتطلق .

والثاني : أنه قبول معاوضة فلم يجز عليها كقبول البيع .

وإذا كانت بالخيار فمتى أعطته الألف فأخذها طلقت ، وإن أعطته فلم يأخذها فإن كان لتعذر أخذها عليه إما لغيبة أو حبس أو جنون لم تطلق ، لأن الإعطاء لم يكمل ، وإن كان مع تمكنه من أخذها طلقت ، لأن الإعطاء قد وجد ، وهو التمكين من الأخذ بفعل المعطي ، وإن لم يقترن به الأخذ ، ألا تراهم يقولون : قد أعطاني فلم آخذ منه ، ثم إذا طلقت بإعطاء الألف قبل أخذها فقد استحق الألف وإن لم يأخذها ، لأنها في مقابلة ما لزمه من الطلاق ، فليس لها أن تمنعه منها بعد وقوع الطلاق عليها ، وهل يتعين استحقاقه لتلك الألف أم لا فيه وجهان :

أحدهما : قد تعين استحقاقه لتعين الطلاق بها ، فإن أرادت دفع غيرها لم يجز .

والوجه الثاني : أنه لم يتعين استحقاقه لها وإن طلقت بها لأن استحقاق العين إما أن يكون لتعينها بالعقد أو بالقبض ، ولم يوجد واحد منهما في هذه الألف فكانت بالخيار في دفعها أو دفع ألف مثلها . [ ص: 47 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية