الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن حدث موت فهو على ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يموت الولد .

والثاني : أن تموت الزوجة .

والثالث : أن يموت الزوج .

فإن مات الولد فهو على ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يموت في الحال قبل الرضاع .

والثاني : أن يموت بعد الرضاع ، وقبل استيفاء الطعام .

والثالث : أن يموت بعد أن مضى بعض الرضاع ، وبقي بعضه وجميع الطعام .

فأما القسم الأول : وهو أن يموت في الحال قبل الرضاع والطعام فهل للأب أن يأتي بولد ترضعه بدلا منه أم لا ؟ على قولين نذكر توجيههما من بعد :

أحدهما : يأتي ببدله ، فعلى هذا يكون الخلع بحاله لا يبطل بموت الولد لأن غيره قد قام مقامه في الرضاع والنفقة .

والقول الثاني : أنه لا يجوز أن يأتي ببدله ، فعلى هذا قد بطل الخلع في الرضاع فتفرقت به الصفقة بمعنى طرأ بعد العقد .

وقد اختلف أصحابنا في تفريق الصفقة بعد العقد هل يكون كتفريقها حال العقد أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : أنهما في تفريق الصفقة سواء ، فعلى هذا هل يبطل الخلع في الطعام لبطلانه في الرضاع أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : قد بطل إذا لم يجوز تفريق الصفقة ، فعلى هذا قد وقع الطلاق على خلع فاسد ، فوقع بائنا ، وبماذا يرجع عليها على قولين :

أحدهما : وهو قوله في القديم يرجع عليها بأجرة رضاع الحولين وقيمة الطعام .

والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أنه يرجع عليها بمهر مثلها كما قلنا في بطلان الصداق أن فيما ترجع به الزوجة قولين . [ ص: 54 ] والقول الثاني : في الأصل أن الخلع في الطعام لا يبطل ، وإن بطل في الرضاع إذا جوزنا تفريق الصفقة ، فعلى هذا يكون الزوج لتفريق الصفقة عليه بالخيار بين إمضاء الخلع في الطعام وبين فسخه ، فإن فسخ ففيما يرجع به عليها قولان :

أحدهما : بأجرة الرضاع وقيمة الطعام .

والثاني : بمهر المثل ، وإن أقام فعلى قولين :

أحدهما : أن يقيم على الطعام بجميع الخلع وإلا فسخ .

والثاني : أنه يقيم عليه بحسابه وقسطه ، ويرجع بحساب الرضاع وقسطه ، وبماذا يكون رجوعه على قولين :

أحدهما : وهو القديم بأجرة رضاع الحولين .

والثاني : وهو الجديد بقسطه من مهر المثل .

مثاله : أن ينظر أجرة الرضاع وقيمة الطعام ، فإذا كانت أجرة الرضاع مائة ، وقيمة الطعام مائتين كان الرضاع ثلث الخلع فيرجع بثلث مهر المثل ، فهذا الكلام على أحد وجهي أصحابنا أن تفريق الصفقة بعد العقد لا يمنع من صحة العقد فيما يفي بخلافهما حال العقد .

فعلى هذا يكون الخلع جائزا في الطعام قولا واحدا ، وإن بطل في الرضاع ويكون فيه بالخيار على ما مضى ، فإن أقام على الطعام فهل يكون إلى آجاله أو يتعجل على وجهين حكاهما أبو إسحاق المروزي :

أحدهما : قد حل ، لأنه كان مؤجلا بتأجيل الرضاع ، فإذا بطل الرضاع ارتفع الأجل فحل الطعام .

والوجه الثاني ، وهو الأصح أن الطعام إلى أجله لا يتعجل ، لأن المؤجل لا يتعجل إلا بموت من عليه الحق دون مستوفيه ، والطعام أحد المقصودين ، وليس ببيع محض ويكون فيه بالخيار ، فإن فسخ ، الجواب فيما يرجع به على ما مضى ، وإن أقام عليه أخذه بقسطه قولا واحدا ورجع بباقيه على ما ذكرنا من القولين .

التالي السابق


الخدمات العلمية