الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولا يجوز ما اختلعت به الأمة إلا بإذن سيدها " .

قال الماوردي : إذا خالعت الأمة زوجها فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون بإذن السيد .

والثاني : أن يكون بغير إذنه .

فإن كان بإذن السيد فعلى ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يأذن لها أن تخالعه بمال في ذمتها ، ولا يجوز أن تخالعه على ما بيدها من الأعيان ، لأن الإذن لم يتناولها ، فإن خالعته على غير مال بيدها للسيد لم يجز ونظر في طلاق الزوج ، فإن كان مقيدا بتلك العين لم يقع الطلاق ، وإن كان ناجزا وقع الطلاق ، وكان له عليها بذل الخلع في ذمتها يؤديه بعد عتقها وفيه قولان :

أحدهما : مهر مثلها . [ ص: 82 ] والثاني : مثل ما خالعت عليه إن كان له مثل ، أو قيمته إن لم يكن له مثل ، وإن خالعته على مال في ذمتها صح الخلع واستفادت بالإذن أن تؤديه من كسبها ، ولم يجز أن تؤديه من الأعيان التي بيدها ، فإن كان ما خالعت به قدر مهر مثلها أدت جميعه من كسبها ، وإن كان أكثر من مهر المثل أدت من كسبها قدر مهر المثل ، وكان الفاضل عليه باقيا في ذمتها تؤديه بعد عتقها فلو لم يكن لها كسب تؤدي منه قدر ما خالعت عليه من مهر المثل لم يلزم السيد غرمه ، لأنه لم يضمنه في ذمته ، ولا في رقبة أمته ، وكان ذلك في ذمتها إلى أن تؤديه من كسب إن حدث لها ، في الرق أو بعد عتقها .

وهكذا لو قتلها السيد أو باعها بحيث لا يقدر الزوج على مطالبتها ، لم يضمن السيد ذلك عنها ، وإن أذن لها .

والقسم الثاني : أن يأذن لها أن تخالعه على عين في يدها كأنه قال لها : خالعيه على هذا الثوب ، أو على هذا الخاتم ، فإن خالعته عليه جاز ، وإن خالعته على غيره من الأعيان لم يجز ، وإن خالعته على مال في ذمتها جاز ، ولم يكن لها أن تؤديه من كسبها لعدم الإذن فيه ، وكان باقيا في ذمتها إلى أن تؤديه بعد عتقها .

والقسم الثالث : أن يأذن لها إذنا مطلقا ، ولا يذكر عينا ولا ذمة فإن خالعته على مال في ذمتها جاز ، وكان لها أن تؤديه من كسبها إن كان بقدر مهر المثل فما دون ، وإن كان أكثر منه كانت الزيادة عليه باقية في ذمتها إلى وقت العتق ، وإن خالعته على عين في يدها نظر ، فإن كان قد أذن لها بالتصرف في تلك العين صح خلعها عليها ، إن كان بقدر مهر مثلها ، وإن لم يكن قد أذن لها بالتصرف فيها لم يصح خلعها بها ، وكان فيما يرجع به الزوج عليها قولان :

أحدهما : مهر المثل .

والثاني : مثل تلك العين إن كان لها مثل ، وقيمتها إن لم يكن لها مثل ، ولها أن تؤدي من كسبها لإذن السيد لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية