الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله : " والتشهد أن يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله " . يقول هذا في الجلسة الأولى وفي آخر صلاته "

قال الماوردي : وهو كما قال

وقد مضى في وجوب التشهد

وأما الكلام في أفضله فمختلف فيه لاختلاف رواته فروى ابن مسعود ، رضي الله عنه ، تشهدا ، وروى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، تشهدا ، وروى ابن عباس ، رضي الله عنه ، تشهدا

فأما تشهد ابن مسعود فرواه سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود قال : كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا : السلام على الله قبل عباده ، السلام على فلان وفلان . فقال رسول الله : " لا تقولوا السلام على الله فإن الله عز وجل هو السلام ، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

فأخذ بهذا التشهد أبو حنيفة والعراقيون

وأما تشهد عمر ، رضي الله عنه ، فرواه الزهري عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، وهو على المنبر يعلم الناس [ ص: 156 ] التشهد : " قولوا التحيات لله الزاكيات لله الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله "

فأخذ بهذا التشهد مالك ، والمدنيون

فأما تشهد ابن عباس فرواه الشافعي عن يحيى بن حسان ، عن الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير ، وطاوس ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله "

فأخذ بهذا التشهد الشافعي ، والمكيون وهذا بإسقاط الألف واللام من السلام في الموضعين ، ورواه أبو داود بإثبات الألف واللام ، وما اختاره الشافعي من تشهد ابن عباس أولى من وجوه

منها : زيادة على الروايات بقوله المباركات ، ولتعليم النبي صلى الله عليه وسلم له كتعليم القرآن ولتأخره عن رواية غيره ، والأخذ بالمتأخر أولى ولقوله تعالى : تحية من عند الله مباركة طيبة [ النور : 61 ] . وما وافق كتاب الله ، عز وجل ، أولى ، وبأي هذه الروايات تشهد أجزأه ، وكان أبو العباس بن سريج يقول : كل ذلك من الاختلاف المباح الذي ليس بعضه أولى من بعض ، كما قال في الأذان وليس كما قال

التالي السابق


الخدمات العلمية