الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 101 ] باب الخلع في المرض من كتاب نشوز الرجل على المرأة

مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ويجوز الخلع في المرض كما يجوز البيع فإن كان الزوج هو المريض فخالعها بأقل من مهرها ثم مات فجائز لأن له أن يطلقها من غير شيء .

قال الماوردي : وهذا كما قال : الخلع في المرض جائز ، كالصحة ؛ لأنه عقد معاوضة فصح في المرض كالبيع ، ولأن المريض يصح طلاقه بغير بدل ، فصح بالبدل كالصحيح ، فإذا ثبت جوازه في المرض ، كجوازه في الصحة ، فإن كان الزوج مريضا صح خلعه سواء خالع بمهر المثل أو أقل ، لأنه لو طلقها بغير عوض صح ، فإذا خالعها بأقل من مهر المثل فأولى أن يصح .

فإن قيل : فهلا الخلع كالبيع إذا خالع بأقل من مهر المثل أن يكون محاباة في الثلث كالمحاباة في البيع .

قيل : لأنه لو أزال ملكه عن البضع بالطلاق من غير بدل صح من غير أن يكون معتبرا في الثلث ، فإذا أزاله بقليل البدل فأولى أن يصح ، ولا يكون معتبرا في الثلث ، وليس كذلك المال : لأنه لو أزال ملكه عنه بالهبة من غير بدل كان معتبرا من الثلث ، فكذلك إذا حابى فيه واقتصر على قليل البدل كان معتبرا من الثلث .

فإن قيل : فلم كان إزالة الملك عن المال في المرض معتبرا من الثلث ، ولم يكن إزالة الملك عن البضع معتبرا من الثلث .

قيل : إنما يعتبر في الثلث ما كان من حقوق الورثة ومنتقلا إليهم إرثا بالموت ، والمال منتقل إليهم بالإرث فكان معتبرا في الثلث ، وبضع الزوجة غير موروث ، ولا منتقل إليهم ، فلم يعتبر في الثلث ، ألا تراه لو أعتق عبدا في مرضه ، كان من ثلثه ، لأنه كان منتقلا إليهم بموته ، ولو أعتق أم ولده في مرضه كانت من أصل ماله لا من ثلثه : لأنها ليست منتقلة إليهم بموته . [ ص: 102 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية