الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : في تعليق الطلاق بالطهر

وإذا قال لها وهي حائض : إذا طهرت فأنت طالق طلقت بعد انقطاع دمها بدخولها في أول الطهر ، سواء انقطع دمها لأقل الحيض أو لأكثره ، وسواء اغتسلت أو لم تغتسل ، ويكون طلاق سنة ، ولو قال لها وهي طاهر إذا طهرت فأنت طالق ، لم تطلق في هذا الطهر حتى تدخل في طهر مستقبل ، وذلك بأن تحيض بعد الطهر ثم تطهر فتطلق بدخولها في أول الطهر الثاني : لأن لفظة " إذا " موضوعة للمستقبل . ألا تراه لو قال يا زيد إذا جئتني فلك دينار وهو عنده لم يستحق الدينار حتى يستأنف المجيء إليه بعد هذا القول ، ولكن لو قال لها إن كنت طاهرا فأنت طالق ، فإن كانت في الحال طاهرا طلقت ، وإن كانت حائضا لم تطلق في الحال إلا إذا طهرت : لأنه جعل وجود طهرها في الحال شرطا في وقوع الطلاق ألا تراه لو قال لها : إن كنت في الدار فأنت طالق فكانت في غير الدار لم تطلق بدخول الدار ، ولو قال لها : إذا طهرت طهرا فأنت طالق فإن كانت في الحال حائضا ، فإذا مضى عليها بعد هذا الحيض طهر كامل ودخلت في أول الحيضة الثانية طلقت وكان طلاق بدعة لوقوعه في الحيض وإن كانت في الحال طاهرا فإذا مضى بقية طهرها وحيضة بعدها ثم طهر كامل ودخلت في أول الحيضة الثانية طلقت وكان طلاق بدعة . وإنما كان كذلك ، لأن قوله : إذا طهرت طهرا . يقتضي كمال طهر مستقبل ، ولو قال لها أنت طالق في طهرك ، فإن كانت في تلك الحال طاهرا طلقت ، وإن كانت حائضا طلقت إذا طهرت فيقع الطلاق في هذا بالطهر في الحال [ ص: 136 ] وبالطهر المستقبل وإذا وقع الطلاق بالطهر في الحال لم يقع بالطهر المستقبل : لأن وجود الشرط قد استوفى حكمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية