الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والضرب الثاني : أن تكون الوكالة مقيدة ، وهو أن يوكله في طلاقها على صفة ، وهو أن يأمره أن يطلقها في يوم الخميس ، فلا يجوز أن يطلقها إلا فيه ، فإن طلقها في غيره لم تطلق ، أو يأمره أن يطلقها للسنة ، فإن طلقها للبدعة لم تطلق ، أو [ ص: 179 ] يأمره أن يطلقها للبدعة ، فإن طلقها للسنة لم تطلق ، فلو قال له : طلقها إن شئت لم يقع طلاقه حتى يقول قد شئت ولا يكون إيقاعه للطلاق مشيئة منه ، لأنه قد يوقع الطلاق بمشيئة وغير مشيئة ، والمشيئة لا تعلم إلا بالقول . وليس من شرط مشيئته الفور ، بخلاف ما لو علق الطلاق بمشيئتها ، لأن تعليقه للطلاق بمشيئتها ، تمليك فروعي فيه الفور ، وتعليقه للطلاق بمشيئته صفة ، فلم يراع فيها الفور ، ولأنه جعل إليها طلاقها إذا شاء ، فلما جاز أن يطلقها على الفور والتراخي جاز أن تكون مشيئته مع الطلاق المتراخي ، لكن من صحة مشيئته أن يخبر بها الزوج قبل طلاقه فإن أخبر بها غيره ثم طلق لم يقع ، لأنه إذا كان إخباره بها شرطا ، كان إخبار الزوج بها أحق ، وأولى أن يكون شرطا ، فلو قال له : طلقها إن شاءت ، روعيت مشيئتها عند عرض الوكيل الطلاق عليها ، فإنه لا يجوز أن يطلقها إلا بعد عرض الطلاق عليها وسؤالها عن مشيئتها ، فتصير حينئذ مشيئتها معتبرة على الفور ، فإن عجلها وقع الطلاق ، وإذا أوقعه الوكيل بعدها ، سواء أوقعه على الفور أو على التراخي ، فإن تراخت مشيئتها ، لم يقع الطلاق بعدها ، لفساد المشيئة .

التالي السابق


الخدمات العلمية