الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ولو كاتبته ، لم يحنث : لأن الكتابة لا تكون كلاما ، وإن قامت في الإفهام مقام الكلام ، وهكذا لو راسلته لم يحنث : لأن الرسول هو المتكلم دونها ، وإن كان مبلغا عنها ، ولو أشارت إليه بالكلام إشارة فهم بها مرادها ، فإن كان ناطقا سميعا ، لم يحنث بإشارتها إليه ، قال الله تعالى : آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا [ مريم : 10 ، 11 ] فلم يجعل الإشارة كلاما ، وإن قامت مقامه في الإفهام ، وإن كان زيد أصم لا يسمع الكلام إلا بالإشارة ففي حنثه ، بإشارتها إليه قولان :

أحدهما : لا يحنث : لأن الإشارة ليست كلاما .

والوجه الثاني : يحنث : لأنه هكذا يكلم الأصم ، ولو كلمت رجلا آخر كلاما سمعه زيد : لم يحنث : لأنها مكلمة لغيره ، ولو كلمت الحائط كلاما لم يسمعه إلا زيد ففي حنثه وجهان :

أحدهما : لا يحنث كما لو كلمت غيره فسمعه .

والوجه الثاني : يحنث : لأن الحائط لا يكلم ، فصار الكلام متوجها إلى من يجوز أن يكلم ولو سلمت على جماعة وفيهم زيد فإن لم تعزله بنيتها حنث ، وإن عزلته بنيتها ففي حنثه وجهان . [ ص: 217 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية