الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما الالتفات في الصلاة يمينا وشمالا فضربان :

أحدهما : أن يلتفت بجميع بدنه ويحول قدميه عن جهة القبلة فإن فعل ذلك لم يخل حاله من أحد أمرين ، إما أن يكون عامدا ، أو ناسيا ، فإن كان عامدا فصلاته باطلة سواء طال ذلك أو نقص ، لأنه فارق ركنا من أركان صلاته عامدا مع القدرة عليه

وقد روى أبو الشعثاء عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة قال : " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد إن كان ناسيا ، فإن تطاول الزمان بطلت صلاته ، وإن قرب الزمان وقصر كانت صلاته جائزة ، لأنه عمل يسير وعليه سجود السهو

والضرب الثاني : أن يلتفت بوجهه من غير تحويل قدميه ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين ، إما أن يقصد به منافاة الصلاة ، أو لا يقصد فإن قصد منافاة الصلاة بطلت صلاته ، لأنه لو قطع الصلاة من غير التفات بطلت صلاته ، وإن لم يقصد منافاة الصلاة فصلاته جائزة ما لم يتطاول ويمنعه ذلك من متابعة الأركان ولا سجود للسهو عليه

وقد روى عكرمة عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتفت في صلاته يمينا [ ص: 188 ] وشمالا ، ولا يلوي عنقه خلف ظهره

ويكره الالتفات في الصلاة بكل حال ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الملائكة تقول للملتفت في صلاته الله عز وجل مقبل عليك وأنت معرض عنه

التالي السابق


الخدمات العلمية