الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا افتتح الصلاة قاعدا لعجزه ، ثم أطاق القيام فأبطأ متثاقلا حتى عاوده العجز فمنعه من القيام نظر في حاله حين أطاق القيام ، فإن كان قاعدا في موضع جلوس من صلاة المطيق كالتشهد والجلوس بين السجدتين فصلاته جائزة ، ولا إعادة عليه ، لأنه استدام فعلا يجوز للمطيق استدامته ، وإن كان قاعدا في موضع قيام من صلاة المطيق فصلاته باطلة ، وعليه الإعادة ، لأنه لما استدام القيام في موضع القعود صار كالمطيق إذا قعد في موضع القيام ، فإن قيل : فلم لا كانت صلاته جائزة كالمطيق إذا أخر الصلاة حتى مرض ثم صلاها قاعدا لعجزه ؟ قيل : لأن الفرق بينهما يمنع من تساوي حكمهما ، وهو أن صفة الأداء معتبرة بحال الدخول في الصلاة ، فإذا أخرها في صحته ثم قضاها في مرضه لم يبق عليه فرض القيام ، فإذا حدثت له الصحة في أثنائها وجب عليه القيام فيها وصار ركنا من أركانها إن أخل به أبطلها

ومثال ذلك : من ستر العورة أن يكون قادرا على ما يستر العورة به فيؤخر الصلاة عن الوقت حتى يتلف الثوب ويعدم ما يستره فيصلي عريانا وتجزئه صلاته ، ولو دخل في الصلاة عريانا ثم وجد ما يستر عورته فأبطأ في أخذه حتى تلف بطلت صلاته ، فكان هذا كمن حدثت له الصحة في أثناء صلاته ، وكان ذلك كمن أخر الصلاة في صحته ثم قضاها في مرضه

التالي السابق


الخدمات العلمية