الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كانت حائضا أو أحرمت مكانها بإذنه أو بغير إذنه فلم يأمرها بإحلال لم يكن عليه سبيل حتى يمكن جماعها أو تحل إصابتها " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، والأسباب المانعة من الوطء ضربان :

أحدهما : ما كان من جهة الزوجة .

والثاني : ما كان من جهة الزوج .

فأما ما كان من جهة الزوج فالوقف المأخوذ فيه وقفان ، وقف للزوج ووقف للزوجة فأما وقف الزوج فهو مدة التربص التي ضربها الله تعالى للمولي ، وهي الأربعة أشهر وأما وقف الزوجة فهو زمان المطالبة بعد انقضاء الأربعة أشهر ، وإذا كان كذلك لم تخل الأسباب المانعة من الوطء إذا كانت حادثة من جهة الزوجة من أن تكون موجودة في مدة التربص أو في مدة المطالبة ، فإن كانت في مدة المطالبة فجميعها مانعة من المطالبة سواء كان المانع المضاف إليها لعجز أو شرع فالمانع لعجز كالضنا والمرض الذي لا يمكن معه إصابتها ، وكالجنون الذي يخاف منه والإغماء الذي لا تمييز معه والحبس بظلم أو بحق .

وأما المانع بالشرع مع المكنة من الوطء فالإحرام بحج أو عمرة ، سواء كان بإذن الزوج أو بغير إذنه استحق فسخه عليها أو لم يستحق : لأنها لا تقدر بنفسها على الخروج منه ، والصوم المفروض سواء تعين زمانه أو لم يتعين لأنه لا يجوز لها [ ص: 393 ] الخروج من صوم المفروض وإن لم يتعين ، فأما صوم التطوع فمخالف له : لأنه يجوز لها الخروج منه ، ومن ذلك الحيض والنفاس يمنعان الوطء بالشرع ، فأما الاستحاضة فلا تمنع من ذلك ، ومن ذلك الردة عن الإسلام يحرم فيها الوطء ، فإذا وجد في زمان المطالبة وهو الوقف الثاني هذه الأسباب المانعة من الوطء من جهتها منعها ذلك من المطالبة بحقها من الإيلاء سواء كان منع عجز أو منع شرع : لأن المطالبة بالفيئة يكون مع استحقاقها وهي تستحقها إذا قدرت على التمكين منها وهي غير قادرة على التمكين فسقط الاستحقاق ، وإذا سقط الاستحقاق سقطت المطالبة ، وسيأتي بقية التقسيم في المسطور والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية