الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما إذا قذفها والتعن منها وامتنعت بعده من اللعان فحدت ثم قذفها الزوج بالزنا ثانية لم يحد لها ؛ لأن لعانه منها كالبينة في حدها وثبوت صدقه ، ويعزر تعزير السب والأذى ، وليس له إسقاطه باللعان قولا واحدا ، ولو قذفها أجنبي بالزنا حد لها وإن لم يحد الزوج ، وكان لعانه منها كالبينة المسقطة لحصانتها في حقه لا في حقوق الأجانب .

وقال أبو حنيفة : إن لم ينف زوجها باللعان ولدا أو نفاه وقد مات فلا حد على الأجنبي في قذفها ، وإن نفى به ولدا باقيا فعليه الحد ، فوافق في حده مع بقاء الولد المنفي ، وخالف فيه مع عدمه ، وجعل لعان الزوج مسقطا لحصانتها في حقه وحقوق الأجانب كالبينة وهذا غير صحيح لرواية عكرمة عن ابن عباس قال : فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المتلاعنين وقضى بأن لا يدعى ولدها لأب ، ولا ترمى ولا ولدها ، فمن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد ، فكان على عمومه ؛ لأنها حدت لامتناعها عن اللعان فلم تسقط حصانتها مع الأجانب كما لو كان ولدها المنفي باقيا ، والفصل بين الزوج والأجنبي في اللعان والتسوية بينهما في البينة ، أن البينة حجة عامة فسقطت مع عموم الناس ، واللعان حجة خاصة فسقطت به حصانتها مع الأزواج لا من جميع الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية