الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 51 ] باب سنة اللعان ونفي الولد وإلحاقه بالأم وغير ذلك

من كتابي لعان جديد وقديم ومن اختلاف الحديث

قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وانتفى من ولدها ففرق - صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بالمرأة ، وقال سهل وابن شهاب : فكانت تلك سنة المتلاعنين " .

قال الماوردي : قد ذكرنا أن اللعان يتعلق به أربعة أحكام ، وخامس مختص بالزوجة وحدها ، فأحد الأربعة : درء الحد عن الزوج ، والثاني : نفي النسب عنه . الثالث : وقوع الفرقة ، والرابع : تحريم التأبيد ، والخامس المختص بالزوجة : وجود حد الزنا عليها إلا أن تلاعن .

وقال أبو حنيفة : الذي يختص باللعان حكمان ، وقوع الفرقة ، ونفي النسب ، ولا يتعلق به سقوط الحد عن الزوج ، ولا وجوب الحد عن الزوجة ؛ لأنه يوجب اللعان عليهما بحبسها عليه عند امتناعهما ، ولا يوقع عنده تحريم التأبيد ؛ لأنه يحلها له إن أكذب نفسه ، وقد مضى الكلام معه في وجوب الحدين ، وسيأتي الكلام معه في تأبيد التحريم ، وقد روى محمد بن زيد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المتلاعنان إذا تفرقا لم يجتمعا أبدا ، وقال الحسن البصري وعثمان البتي : اللعان مختص بنفي النسب وحده ولا يوقع الفرقة إلا بطلاق الزوج فتقع الفرقة بالطلاق ؛ لأن العجلاني طلق حين لاعن ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما بالطلاق وقد روى أبو مالك ، عن عاصم ، عن زر ، عن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - : أنهما قالا : " مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان أبدا " وذلك إشارة إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنهما روياه نطقا ، وسيأتي من الدليل عليهما ما يدفع قولهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية