مسألة : قال  
الشافعي      : " وإن قذفها بأحد يسميه بعينه واحدا أو اثنين أو أكثر قال مع كل شهادة : إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان أو فلان ، وقال عند اللعان : وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا بفلان أو بفلان وفلان " .  
قال  
الماوردي      : وهذا كما قال ،  
إذا سمى في قذف زوجته الزاني بها  ، فقال : زنى بك فلان سقط حد القذف عنه إذا ذكره في لعانه على ما وصفه  
الشافعي   رحمه الله .  
وقال  
أبو حنيفة      : لا يسقط حد قذفه بذكره في لعانه ، فإن قدمت الزوجة المطالبة فلاعن منها حد بعده للأجنبي ، وإن قدم الأجنبي المطالبة فحد له لم يلاعن من زوجته ، وبناه على أصله في أن المحدود في قذف لا يلاعن ، واستدل على أن حده بقذفه للأجنبي لا يسقط بلعانه ، بعموم قول الله تعالى :  
والذين يرمون المحصنات  لأن قذف الأجنبي لا يسقط حده باللعان كما لو أفرده بالقذف ، ولأنه لو قال لزوجته وأجنبي : زنيتما لم يسقط قذف الأجنبي باللعان ، كذلك لو قال : زنيت به .  
ودليلنا قوله تعالى :  
والذين يرمون أزواجهم ولم يكن شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين     [ النور : 6 ] وفي الآية ثلاثة أدلة :  
أحدها : تخليصه من قذفه بلعانه فاقتضى أن يكون على عمومه فيمن يلتعن منهم .  
والثاني : أنه جعل اللعان كالشهادة بقوله تعالى :  
ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم  والشهادة تسقط حدها عنه ، فكذلك اللعان .  
والثالث : أنه أثبت صدقه باللعان ، وصدقه يمنع من حده .  
ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين  
هلال بن أمية   وزوجته ؛ وقد قذفها  
بشريك بن السحماء   فلم يحده له بعد لعانه فدل على سقوط الحد بلعانه ؛ ولأن قذف زوجته بزان يمنع من   
[ ص: 63 ] حده بعد اللعان كغير المسمى ؛ ولأن ما سقط به حد الزوجة مع غير المسمى سقط به حدها وحد المسمى كالبينة ؛ ولأن كل حد استفاد إسقاطه بالبينة استفاد إسقاطه باللعان كحد القذف ، ولأنه قد يضطر إلى تسمية الزاني كما يضطر إلى قذف زوجته ، وضرورته إلى تسميته من ثلاثة أوجه :  
أحدها : ليكون أدل على التحقيق ، وأنفى للظن .  
والثاني : ليكون في شبه الولد به ما يدل على الصدق في قذفه ، كما استدل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدق  
العجلاني   وهلال بن أمية      .  
والثالث : ليكون تعيينه في القذف واللعان أزجر للناس عن الزنا بذوات الأزواج حذرا من فضيحة التسمية في القذف واللعان .  
وأما استدلالهم بعموم الآية ، فالملاعن مخصوص منها بدليل الزوجية ، وأما قياسهم على انفراد الأجنبي فالمعنى فيه أنه قذف لا مدخل للعان فيه ، وأما استدلالهم بقوله لهما : زنيتما ، فنحن نرجع إلى بيان هذا القذف ، فإن أراد به أن أحدهما زنى بصاحبه فهي مسألتنا التي اختلفنا فيها ونحن نجوز فيه اللعان ، وإن أراد أن كل واحد منهما زنى بغير الآخر ، منعنا من اللعان في قذف الأجنبي ؛ لأنه لا يتعلق بقذفه زوجته فلم يكن في ذلك دليل .