الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن شك هل سها أم لا ؟ فلا سهو عليه " .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا شك : هل سها في الصلاة سهوا زائدا مثل كلام ، أو سلام ، أو ركع ركوعين ، أو سجد سجدة زائدة أو قام إلى خامسة ؟ فشكه مطرح ، وما توهمه من السهو غير مؤثر ، وصلاته مجزئة ، ولا سجود للسهو عليه لقوله صلى الله عليه وسلم : وليبن على ما استيقن ولقوله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين إليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا ، أو يجد ريحا فأمره بالبناء على يقينه ، ولأنه لو شك في الحدث ، أو في الطلاق ، أو في العتق طرح شكه ، وبني على اليقين أمره ، كذلك إذا شك في السهو ، فعلى هذا لو سجد للسهو نظر في حاله ، فإن علم أن ذلك لا يجوز فصلاته باطلة ، وإن جهل جوازه فصلاته جائزة ، ويسجد سجدتي السهو لأجل ما فعله من سجود السهو ، فأما إذا كان الشك هل أتى بالتشهد الأولى ، أو هل قنت في الصبح ؟ أو هل قرأ الفاتحة أم لا ؟ أو هل سجد سجدتين ؟ [ ص: 224 ] فإنه يطرح الشك ويبني على اليقين ويأتي بما شك في فعله على ما تقدم ذكره ، ويسجد للسهو لقوله صلى الله عليه وسلم : فليبن على ما استيقن فاقتضى أن يكون الشك مطرحا ، والبناء على اليقين واجب ، واليقين أنه لم يأت بما شك بالإتيان به .

التالي السابق


الخدمات العلمية