الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولو قال : كنت أعزل عنها ألحقت الولد به إلا أن يدعي [ ص: 159 ] استبراء بعد الوطء فيكون دليلا له ، وقال بعض الناس : لو ولدت جارية يطؤها فليس هو ولده إلا أن يقر به ، فإن أقر بواحد ثم جاءت بعده بآخر فله نفيه ؛ لأن إقراره بالأول ليس بإقرار بالثاني ، وله عنده أن يقر بواحد وينفي ثانيا وبثالث وينفي رابعا ، ثم قالوا : لو أقر بواحد ثم جاءت بعده بولد فلم ينفه حتى مات فهو ابنه ولم يدعه قط ، ثم قالوا : لو أن قاضيا زوج امرأة رجلا في مجلس القضاء ففارقها ساعة ملك عقدة نكاحها ثلاثا ثم جاءت بولد لستة أشهر لزم الزوج ، قالوا : هذا فراش ، قيل : وهل كان فراشا قط يمكن فيه الجماع " . قال الماوردي : أما العزل فضربان : عزل عن الإنزال ، وعزل عن الإيلاج وكلاهما مباح في الأمة والزوجة ، ولكن يلزم استطابة نفس الزوجة عنه ، وإن لم يلزمه استطابة نفس الأمة ، لأن للحرة حقا في الولد دون الأمة : فأما العزل عن الإنزال فهو أن يولج في الفرج ، فإذا أحس بالإنزال أقلع فأنزل خارج الفرج ، وهذا العزل لا يمنع من لحوق الولد ، روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : يا رسول الله ، نصيب السبايا ونحب الأثمان ، أفنعزل عنهن ؟ فقال : إن الله إذا قضى خلق نسمة خلقها ولأنه قد يسبق من إنزاله ما لا يحس به فتعلق منه ، وربما استدخل الفرج من المني الخارج ما يكون منه العلوق . فأما العزل عن الإيلاج : فهو أن يطأ دون الفرج وينزل ففي لحوق ولد الأمة منه وجهان : أحدهما : لا يلحقه لخروج المني عن الفرج . والوجه الثاني : يلحقه لجواز أن يستدخله الفرج بحرارته ، وهكذا ولد الموطوءة بشبهة يلحق به في العزل عن الإنزال ، وفي لحوقه به في العزل عن الإيلاج وجهان : فأما ولد الزوج فيلحق به في الحالين لثبوت الفراش بالعقد والإمكان .

التالي السابق


الخدمات العلمية