الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما آخر العدة فقد روى المزني والربيع أنها إذا رأت دم الحيض بعد الطهر الثالث انقضت عدتها برؤية الدم . وروى البويطي وحرملة : أنه لا تقضي عدتها حتى يمضي من دم الحيض يوم وليلة ، فاختلف أصحابنا في اختلاف هذا النقل على وجهين : أحدهما : أنه محمول على اختلاف قولين : أحدهما : أن عدتها تنقضي برؤية الدم على ما رواه المزني والربيع ؛ لأن تحديد عدتها ثلاثة أقراء يمنع من الزيادة عليها . والقول الثاني : أن عدتها لا تنقضي إلا بمضي يوم وليلة من الحيضة الثالثة على ما رواه البويطي وحرملة ليعلم أنه حيض بيقين .

والوجه الثاني : أن اختلاف الرواية محمول على اختلاف حالين ، فرواية المزني والربيع أن عدتها تنقضي برؤية الدم إذا كانت معتادة ورأت الدم في وقت العادة ؛ لأن الغالب منه أنه حيض ؛ ورواية البويطي وحرملة أن العدة لا تنقضي إلا بمضي يوم وليلة إذا كانت مبتدأة أو معتادة ورأت الدم في غير أيام العادة ؛ لأن الغالب من ابتدائه أنه ليس بحيض حتى تستديم يوما وليلة ، فإذا تقرر ما وصفنا من اعتبار الدم في انقضاء العدة على ما ذكرنا من اختلاف أصحابنا فيه فقد اختلف أصحابنا في زمانه ، هل يكون من العدة أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : أنه من العدة لاعتباره فيها ، فعلى هذا يجوز رجعتها فيه ولا يجوز أن تتزوج فيه . [ ص: 176 ] والوجه الثاني : أنه معتبر في انقضاء العدة وليس منها كغسل الرأس في تجاوزه إلى ما ليس من الوجه ليستوفي به جميع الوجه ، كالصائم يستزيد بإمساك جزأين من طرفي الليل ؛ ليستوفي به إمساك جميع النهار ، فعلى هذا لا يجوز رجعتها فيه ، ويجوز أن تتزوج فيه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية