الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإن كان الزوج ميتا سمعت الدعوى على وارثه ، وإن كان واحدا أو على جماعتهم إن كانوا عددا ، فإن كان واحدا وصدقها كان كتصديق الزوج في ثبوت ما ادعته من المهر والنفقة ، ولحوق نسب الولد ، ولها الميراث . فأما ميراث الولد فينظر في الوارث المصدق فإن كان ممن لا يحجب بالولد كالابن ورث الولد المستحق ، وإن كان ممن يحجب به كالأخ ثبت فيه نسب الولد ، ولم يرث لما في توريثه من حجب المقر وإبطال إقراره بحجبه ، وإن أنكر الوارث ما ادعته حلف على العلم ، وإن كانت يمين الزوج على البت ؛ لأن الزوج ينفي بيمينه فعل نفسه فحلف على البت والوارث ينفي يمينه فعل غيره فحلف على العلم ، فإن حلف أو نكل كان كالزوج إن حلف أو نكل وقام فيها مقام الزوج إلا في شيئين : أحدهما : في صفة اليمين فإنها من الزوج على البت ومن الوارث على العلم . والثاني : في نفي الولد باللعان إن ثبت نسبه فإن للزوج نفيه وليس للوارث نفيه وإن كان الورثة جماعة سمعت الدعوى على جميعهم ولهم فيها ثلاثة أحوال : أحدها : أن يصدقوها جميعا عليها فيكون كتصديق الواحد لها في لحوق النسب واستحقاق الميراث مع المهر والنفقة . والحال الثانية : أن يكذبوها جميعا فعليهم اليمين فإن حلفوا أو نكلوا كانوا كالواحد إذا حلف أو نكل . والحال الثالثة : أن يصدقها بعضهم ويكذبها بعضهم فاللمكذب حالتان : أحدهما : أن يحلف . والثانية : أن ينكل . فإن حلف انتفى نسب الولد ؛ لأنه لا يثبت بتصديق بعض الورثة ولم يلزم المكذب مهرا ، ولا نفقة ، ولا ميراثا ، فأما المصدق فيلزمه المهر ، والنفقة بقدر حقه ، ولا يلزمه من ميراث الابن شيء وفي التزامه من ميراث الزوجة بقسطه وجهان ذكرناهما في كتاب الإقرار ، وإن نكل المكذب عن اليمين ردت على الزوجة ، فإن حلفت ثبت ما ادعت وصار كما لو صدقها جميعهم في ثبوت النسب واستحقاق الميراث مع المهر ، والنفقة ، وإن نكلت كان نكولها في حقها كما لو حلفت المكذب فلا تستحق في حصته شيئا وتستحق على المصدق من المهر والنفقة بقدر حقه ، وفي ميراثه بقدر حقه وجهان : فأما في حق الولد ، فهل يوجب نكولها عن اليمين وقوفها على بلوغ الولد أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين : [ ص: 211 ] أحدهما : لا يوقف فعلى هذا يثبت نسبه ، ولا يرث ، ولا يؤثر فيه تصديق من صدق مع تكذيب من كذب . والوجه الثاني : توقف عليه ، فإن حلف ثبت نسبه ، وورث من صدق وكذب ، وإن نكل لم يثبت نسبه ولم يرث من حق من صدق وكذب ، فهذا حكم المسألة إن كانت دعواهما لرجعة أو نكاح . فأما إن كانت لواطئ شبهة فإنها تقصر عن دعوى الرجعة والعقد في حقين : أحدهما : ميراثها فإن الموطوءة بشبهة لا ميراث لها . والثاني : في النفقة فإن الموطوءة بشبهة لا نفقة لها إن كانت حاملا ، وفي نفقتها إن كانت حاملا قولان ، وهي فيما سوى هذين من لحوق النسب واستحقاق مهر المثل على ما مضى تقسيما وحكما .

التالي السابق


الخدمات العلمية