الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله : قال الله تعالى : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن الآية ، قال : والمسيس الإصابة ، وقال ابن عباس وشريح وغيرهما : لا عدة عليها إلا بالإصابة بعينها ؛ لأن الله تعالى قال هكذا ( قال الشافعي ) وهذا ظاهر القرآن . قال الماوردي : وهذا صحيح ولا يخلو حال المطلقة من ثلاثة أقسام : أحدها : أن تطلق قبل الدخول والخلوة فلا خلاف أنه لا عدة عليها لقول الله : ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها [ الأحزاب : 49 ] وليس لها من المهر إلا نصفه لقول الله : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم [ البقرة : 237 ] . والقسم الثاني : يطلقها بعد الدخول بها فلا خلاف أن عليها العدة ، ولها جميع المهر كاملا لدليل الخطاب في الآيتين . والقسم الثالث : أن يطلقها بعد الخلوة وقبل الدخول ، فقد اختلف الفقهاء في وجوب العدة ، وكمال المهر ، على ثلاثة مذاهب : أحدها وهو مذهب أبي حنيفة : أن الخلوة كالدخول في وجوب العدة وكمال المهر ، وبه قال الشافعي في بعض القديم . والثاني : وهو مذهب مالك أنها لا توجب العدة ولا يكمل بها المهر ، لكن يكون لمدعي الإصابة منهما ، وبه قال الشافعي في بعض القديم . والثالث : وهو مذهب الشافعي في الجديد والمعمول عليه من قوله أن الخلوة لا توجب العدة ولا يكمل بها المهر بخلاف ما قال أبو حنيفة ، ولا تكون لمدعي الإصابة بخلاف ما قال مالك ويكون وجودها في العدة والمهر كعدمها ، وقد مضى في كتاب الصداق من توجيه الأقاويل وحجاج المخالف ما أغنى عن الإعادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية