الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولو أعتقت الأمة قبل مضي العدة أكملت عدة حرة ؛ لأن العتق وقع وهي في معاني الأزواج في عامة أمرها ويتوارثان في عدتها بالحرية " .

قال الماوردي : وصورتها في أمة طلقها زوجها ، وأعتقها سيدها فعليها العدة من طلاق الزوج ولا استبراء عليها من عتق السيد ، ولا يخلو حال العتق والطلاق من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يتقدم العتق على الطلاق فعليها عدة حرة لوقوع الطلاق عليها ، وهي حرة . والقسم الثاني : أن يقع الطلاق والعتق معا في حالة واحدة لا يتقدم أحدهما على الآخر وذلك من أحد ثلاثة أوجه : إما بأن يقول الزوج لها : إذا أعتقت فأنت طالق . وإما بأن يقول السيد لها : إذا طلقت فأنت حرة فيلزمها في اجتماع العتق والطلاق أحد هذه الوجوه : أن تعتد عدة حرة : لأنها لم تعتد بالعدة إلا وهي حرة . والقسم الثالث : أن يتقدم الطلاق على العتق ، فهذا على ضربين : أحدهما : أن يقع العتق بعد انقضاء العدة على حكم الرق فلا يؤثر فيها ما حدث من العتق : لأن ما يقتضي زمانه يقتضي حكمه كما لو حاضت الصغيرة بعد شهورها وأيست الكبيرة بعد أقرائها . والضرب الثاني : أن تعتق في تضاعيف عدتها وقبل انقضائها فتبني عدتها بعد العتق على ما مضى منها قبل العتق ، واختلف قول الشافعي هل تقضي عدة أمة اعتبارا بالابتداء أو عدة حرة اعتبارا بالانتهاء ، فإن كان الطلاق رجعيا فمذهبه في الجديد كله ، وأحد قوليه في القديم أنها تعتد عدة حرة ، وله في الجديد قول ثان : أنها تعتد عدة حرة فترتب له في اعتدادها من الطلاقين ثلاث أقاويل : أحدها : أنها تعتد فيها عدة أمة اعتبارا بالابتداء لأمرين : أحدهما : أن الاستبراء في الرق لا يعتبر بحدوث العتق كأم الولد . [ ص: 226 ] والثاني : أن ما تبعض كان معتبرا بحال الوجوب كالحدود . والقول الثاني : وبه قال أبو حنيفة والمزني أنها تعتد فيها عدة حرة اعتبارا بالانتهاء لأحد أمرين : أحدهما : أن ما اختلف به العدة كان معتبرا بالانتهاء دون الابتداء كالشهور والأقراء . والثاني : أن الاحتياط للعدة أولى من الاحتياط للمعتدة كالمستريبة . والقول الثالث : أنها تعتد في الطلاق البائن عدة أمة وفي الطلاق الرجعي عدة حرة لأمرين : أحدهما : أن البائن كالأجنبية يقطع التوارث وسقوط النفقة ، والرجعية كالزوجة لاستحقاق التوارث ، ووجوب النفقة فافترقا في العدة لافتراقهما في حكم الزوجية . والثاني : أنه لما انتقلت الرجعية من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة ولم تنتقل إليها البائن وجب أن تنتقل من عدة الرق إلى عدة الحرة ولا تنتقل إليها البائن .

التالي السابق


الخدمات العلمية