الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولا نعلم أحدا بالمدينة فيما مضى أكرى منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم " . قال الماوردي : والذي أراد الشافعي بذلك أن الحاكم يكتري على الغائب مسكنا إذا لم يجد متطوعا بمسكن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يكتر لفاطمة بنت قيس مسكنا على زوجها ولا فعل ذلك أحد من خلفائه بعده ، فلأن أهل المدينة كانوا يتطوعون بإعارة منازلهم ولا يكرونها ، ولو كان كذلك في زماننا موجودا في عرف بعض البلاد استعاره الحاكم لها ولم يكتره على زوجها ، وإنما اكتراه لأنه لم يجد معيرا ؛ وسواء وجد المعير في بلد عرفه العارية أو الكراء ، وأما الزوج إذا طلقها وهي في مسكن معار فأراد نقلها منه إلى مسكن يكتريه ، فإن كان في بلد عرف أهله العارية لم يكن له نقلها منه ما لم يرجع أهله في إعارته ، وإن كان في بلد عرف أهله الكراء ففي جواز نقلها منه وجهان : أحدهما : ليس له نقلها ما لم يرجع أهله في إعارته كالبلد المعهود إعارته . والوجه الثاني : له نقلها منه كي لا يلحقه من المنة فيه ما لا يلحقه في البلد المعهود إعارته .

التالي السابق


الخدمات العلمية