الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما الحلي محظور عليها في الإحداد لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه ؛ ولأن نزعه أحد التأويلين في قوله صلى الله عليه وسلم لأسماء : تسلبي وهذا مما تختص به المعتدة بحظره دون المحرمة : لأنه زينة وليس له في زوال الشعث تأثير ، وسواء في ذلك حلي الذهب والفضة واللؤلؤ أو الجواهر ، وسواء ما كثر منه كالخلاخلة والأسورة وما قل كالخواتيم والأقراط ، فأما إن تحلت بالصفر والنحاس والرصاص فإن كان مموها بالفضة والذهب أو كان مشابها للفضة والذهب يخفى على الناظر إلا بعد شدة التأمل فهي ممنوعة من لبسه أيضا كما تمنع من لبس حلي الفضة والذهب في لباسه وتحسينها الداعي إلى استحسانها ، فإنه المقصود بلبس الحلي كما قال الشاعر .

وما الحلي إلا زينة لنقيضة يتم من حسن إذا الحسن قصرا     فأما إذا كان الجمال موفرا
كحسنك لم يحتج إلى أن يزودا

فأما إذا لم يشبه بالذهب والفضة وتميز عنهما في النظر روعي فيه حال المعتدة ، فإن كانت من قوم جرت عادتهم أن يتحلوا بالصفر والنحاس منعت من لبسه في الإحداد : لأنه زينة لهم ، وإن كانت من قوم لا يتحلون به ، وإنما يستعملونه لما يتصورون فيه من الحرز والنفع جاز لها لبسه : لأنه ليس بزينة لها ، فإذا أرادت المعتدة في إحدادها أن تلبس حليها ليلا وتنزعه نهارا جاز ذلك لكن إن فعلت ذاك لإحرازه لم يكره وإن فعلته لغير إحراز وحاجة كره وإن لم يحرم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية