الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن وطئها لم يخل حالهما من أربعة أقسام : أحدها : أن يكونا عالمين بالتحريم . والثاني : أن يكونا جاهلين به . والثالث : أن يكون الواطئ عالما والموطوءة جاهلة . والرابع : أن يكون الواطئ جاهلا والموطوءة عالمة . فأما القسم الأول وهو أن يكونا عالمين بالتحريم فعليهما الحد . وقال أبو حنيفة : لا حد عليهما لشبهة العقد بناء على مذهبه في الواطئ لأمه بعد النكاح أنه لا حد عليه ، وقد مضى من الحجاج عليه في ذلك ما هو دليل عليه هاهنا ، وقد روى البراء بن عازب قال : رأيت عمي ومعه راية ، فقلت إلى أين تذهب ، فقال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل أعرس بامرأة أبيه أن أقتله وآتيه برأسه وأخمس ماله . والعرسة اسم للوطء في نكاح فاحتمل تخميس ماله ؛ لأنه استحل ذلك فصار مرتدا وصار ماله بالردة فيئا واحتمل إن لم يستحله فقتله حدا وخمس ماله عقوبة ؛ لأن العقوبات كانت في صدر الإسلام بالأموال ، فدل ذكر الحسب على تعلق القتل به ، ولأنه لما ورد النص بتحريمه ارتفعت الشبهة في إباحته وارتفاع الشبهة في الوطء يوجب الحد كالزنا ، فإذا ثبت وجوب الحد عليهما ، فهو كالزنا لا يستحق به المهر ، ولا يجب فيه العدة ولا يلحق فيه النسب ، ولا يقطع عدة الأول ويسري في عدته ، وإن لم يفرق بينهما وبين الثاني ؛ لأنها لم تصر بهذا الوطء فراشا له .

التالي السابق


الخدمات العلمية