الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا لم يحسن الفاتحة ولا شيئا من القرآن فعليه أن يسبح الله سبحانه ويحمده بدلا من القراءة .

وقال أبو حنيفة : قد سقط عنه فرض الذكر ، وهذا خطأ والدلالة عليه رواية رفاعة بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله عز وجل ، ثم ليكبر ، وإن كان معه شيء من القرآن فليقرأ به ، وإن لم يكن معه شيء من القرآن ، فليحمد الله سبحانه ، وليكبره ، وليركع حتى يطمئن راكعاوذلك عن عبد الله بن أوفى أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني لا أستطيع أن أجد شيئا من القرآن ، فعلمني ما يجزيني من القراءة فقال : " قل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " ، فقال : هذا لله فما لي ، فقال : قل : اللهم ارحمني وارزقني وعافني ، فانصرف الرجل وهو يشير إلى يديه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما هذا فقد ملأ يديه خيرا .

فإذا تقرر هذا فعليه أن يقول بدلا من القراءة ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي ، ثم فيه وجهان :

أحدهما : يقول ذلك بعد كلمات الفاتحة وحروفها .

والوجه الثاني : أن كل كلمة من ذلك تقوم مقام آية وهي خمس كلمات تقوم مقام خمس آيات ، فيأتي بكلمتين ويجزئه ، فلو كان يحسن آية من القرآن ففيه وجهان :

أحدهما : أنه يكررها سبع مرات .

والثاني : يقرأ الآية ، ثم يتمم ذلك بالتسبيح والتكبير ، فلو لم يحسن التكبير بالعربية جاز له أن يسبح ويكبر بالفارسية ، وعليه في هذه المسائل كلها تعليم فاتحة الكتاب ، وإن أمكنه تعليم الفاتحة ولم يتعلم فعليه الإعادة ، لأن القادر على التوصل إلى الشيء في حكم القادر عليه ، ألا ترى أن من قدر على التوصل إلى الماء لم يجز له التيمم ، ومن قدر على ثمن الرقبة لم يجز له التكفير بالصيام ، ومن قدر على ثمن الزاد والراحلة لزمه الحج فكذلك إذا قدر [ ص: 235 ] على تعليم الفاتحة كان في حكم القادر عليها فوجب عليه إعادة الصلاة إذا تعلم الفاتحة سواء طال الزمان أو قصر وفيه وجهان :

أحدهما : يعيد كل صلاة صلاها من وقت قدرته على التعليم إلى أن تعلم .

والوجه الثاني : أن يعيد ما صلى من وقت قدرته إلى أن تعاطى التعليم وأخذ فيه ، لأن أخذه في التعليم قد أزال عنه حكم التفريط فسقط عنه إعادة ما صلى في هذه المدة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية