الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 236 ] باب طول القراءة وقصرها

قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وأحب أن يقرأ في الصبح مع أم القرآن بطوال المفصل ، وفي الظهر شبيها بقراءة الصبح وفي العصر نحوا مما يقرؤه في العشاء ، وأحب أن يقرأ في العشاء بسورة الجمعة و " إذا جاءك المنافقون " ، وما أشبهها في الطول ، وفي المغرب بالعاديات وما أشبهها " .

قال الماوردي : قد ذكرنا أن قراءة السورة بعد الفاتحة سنة في الأوليين ، وفي الأخريين على أحد القولين ، فإذا كان كذلك فالاختيار له أن يقرأ في الصبح بطوال المفصل .

" الطور " و " الذاريات " ، و " قاف " و " المرسلات " ، وما أشبه ذلك ؟ فقد روى سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بالواقعة .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بسورة قاف .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمرسلات .

وروى قطبة بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح بسورة " قد أفلح المؤمنون " ، فلما بلغ إلى قصة موسى ، وعيسى أخذ برسغيه فركع لأن وقت الصبح متسع ، فاحتيج فيه إلى سور طوال ليدرك الناس الصلاة ، فأما الظهر فيقرأ فيها قريبا مما هو في الصبح لكن دونه في الطول قليلا .

فقد روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فسجد فيها فقدرنا ترك السجدة .

[ ص: 237 ] قال الشافعي : وروى عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر " إذا السماء انشقت " ونحوها فأما العصر فيختار أن يقرأ فيها بأوسط المفصل على نحو مما يقرأ في عشاء الآخرة .

فقد روي عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري ، رحمه الله ، أن يقرأ في الظهر بطوال المفصل ، وفى العصر بأوسطها .

فأما المغرب فيختار أن يقرأ فيها بقصار المفصل ، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالعاديات ، ولأن وقتها أضيق الأوقات فلذلك اختصت بقصار السور .

فأما عشاء الآخرة فيختار فيها أوسط المفصل نحو سورة الجمعة ، وإذا جاءك المنافقون وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في صلاة العشاء من ليلة الجمعة بسورة الجمعة .

وروي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بالشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى .

وهذا كله على طريق الاختيار وكيف ما قرأ جاز ، وكذلك لو قرأ أواخر السور الطوال جاز .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بسورة الأعراف فمن أصحابنا من قال : قرأ جميع السورة ومنهم من قال بالآي التي فيها ذكر الأعراف ، والله تعالى أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية