الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما إذا حملت من الثاني ، ثم أرضعت على حملها ولدا فينظر في وقت [ ص: 399 ] الرضاع فإن كان في مبادئ الحمل في وقت لا يخلق للحمل فيه اللبن : لأن لبن الحمل يحدث عند الحاجة إليه ، وذلك في زمان يستكمل فيه خلقه ، ويجوز أن يولد فيه حيا فإن لم ينته الحمل إلى هذا الحد ، فالولد للأول ، وإن ثاب ونزل بعد انقطاعه بتهيج الجماع فيكون المرضع ابنا للأول دون الثاني ، وإن كان الحمل قد انتهى إلى وقت يجوز أن ينزل لمثله لبن لم يخل حينئذ لبن الحمل من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون حاله قبل الحمل لم يزد عليه فيكون لبنها للأول ؛ لأن الحمل لم يؤثر فيه ، وكذلك لو نقص لبنها بالحمل فيكون المرضع به ابنا للأول . والقسم الثاني : أن يكون لبنها قد زاد بالحمل ، ولم ينقص ففيه قولان : أحدهما : وبه قال في القديم : أنه يكون اللبن للأول والثاني والمرضع به ابنا لهما ؛ لأن الزيادة في الحمل تكون مضافة إليه ، وحادثة عنه ، فامتزج اللبنان ، فصار كامتزاجه من امرأتين . والقول الثاني : وبه قال في الجديد أن اللبن للأول ، والمرضع به ابن له دون الثاني ؛ لأننا على يقين من بقاء اللبن من الأول : في شك من الزيادة أن تكون للثاني لجواز حدوثها وبتهيج الجماع كحدوثها قبل الحمل ، وهذا اختيار المزني ، قال الشافعي " وأحب له توقي بنات الثاني لجواز أن تكون الزيادة له " . والقسم الثالث : أن يكون لبنها قد انقطع ، ثم ثاب ونزل بالحمل ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه للأول والمرضع به ابن له ، دون الثاني اعتبارا باليقين في بقاء لبنه وأنه مباح بالجماع فثاب ، ويستحب له أن لو توقى بنات الثاني . والقول الثاني : أنه للثاني والمرضع به ابن له دون الأول ؛ لأن الظاهر من حدوثه بالحمل أنه منه ويستحب أن لو توقى بنات الأول . والقول الثالث : أنه لهما والمرضع به ابن لهما وتحرم عليه بناتهما ؛ لأن احتمال الأمرين يوجب تساوي حكمهما ، وأن لا يختص بأحدهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية