الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ القول في صفة النفقة ] فأما صفة جنس النفقة . فهو المد من البر أو الشعير أو الأرز أو الذرة ، دون الدقيق والخبز ، وإن كان لا يقتات إلا بعد طحنه وخبزه ؛ لأمرين : أحدهما : أن الحب أكمل منفعة من مطحونه ومخبوزه لإمكان ادخاره وازدراعه . والثاني : لثبوته في الذمة التي لا يثبت فيها إلا الحب دون الدقيق والخبز ، فإذا وجب لها الحب نظر ؛ فإن كانت عادة أمثالها أن يتولوا طحن أقواتهم وخبزها بأنفسهم كأهل السواد ، كان مباشرة طحنه وخبزه عليها دون الزوج ، وإن لم تجر عادة أمثالها بمباشرة طحن أقواتهم وخبزها بأنفسهم كان الزوج بالخيار بين أن يدفع إليها أجرة الطحن وبين أن يقيم لها من يتولى طحنه وخبزه ، فإن قيل : فإذا أفضى حقها إلى الخبز كان إيجابه أحق . قيل : لأن لها أن تدخره وتزرعه إن شاءت ، فلو أراد الزوج أن يدفع إليها قيمة الحب لم تجبر الزوجة على قبولها ، ولو طلبت الزوجة القيمة لم يجبر الزوج على دفعها ، ولو اتفقا على القيمة ففي جوازها وجهان : أحدهما : لا يجوز كالسلم وكالزكوات والكفارات . والوجه الثاني : يجوز لاستقراره في الذمة بخلاف السلم ، ولمعين بخلاف الكفارات ، فأشبه القروض .

التالي السابق


الخدمات العلمية